التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٨ - الصفحة ٢٣٦
أو لم يملكه.
وقوله " ويوم تقوم الساعة " يعني القيامة " يومئذ يتفرقون " قيل:
يتميز المؤمنون من الكافرين. وقيل: معناه لا يلوي واحد منهم على حاجة غيره، ولا يلتفت إليه، وفي ذلك نهاية الحث على الاستعداد والتأهب لذلك المقام.
ثم قال " فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات " يعني صدقوا بتوحيد الله وصدق رسله، وعملوا الصالحات، وتركوا القبائح " فهم في روضة يحبرون " أي يسرون سرورا تبين أثره عليهم، ومنه الحبرة وهي المسرة، ومنه الحبر العالم، والتحبير التحسين الذي يسر به. وإنما خص ذكر الروضة - ههنا - لأنه لم يكن عند العرب شئ أحسن منظرا ولا أطيب ريحا من الرياض، كما قال الشاعر:
ما روضة من رياض الحزن معشبة * خضراء جاد عليها مسبل هطل يضاحك الشمس منها كوكب شرق * مؤزر بعميم النبت مكتهل يوما بأطيب منها نشر رائحة * ولا بأحسن منها إذ دنا الأصل (1) والحبرة هي السرور والغبطة، قال العجاج:
فالحمد لله الذي أعطى الحبر * موالي الحق إن المولى شكر (2) ثم بين تعالى أن الكفار في ضد ما فيه أهل الجنة، فقال " وأما الذين كفروا " بنعم الله وجحدوا آياته ثم أنكروا لقاء ثوابه وعقابه يوم القيامة " فهم في العذاب محضرون " أي محضرون فيها، ولفظة الاحضار لا تستعمل إلا

(1) قائله الأعشى ديوانه (دار بيروت) 145 (2) اللسان (حبر)
(٢٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 231 232 233 234 235 236 237 238 239 240 241 ... » »»
الفهرست