التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٨ - الصفحة ٢٣٨
قال ابن عباس وابن مسعود: معناه يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي فإنه يخرج الانسان وهو الحي من النطفة، وهي الميتة، ويخرج الميتة وهي النطفة من الانسان وهو حي. وقال قتادة: يخرج المؤمن من الكافر، والكافر من المؤمن.
وقوله * (ويحي الأرض بعد موتها) * اي يحييها بالنبات بعد جدوبها، ولا يجوز أن يكون المراد إحياء الأرض حقيقة، كمالا يكون الانسان أسدا حقيقة إذا قيل فلان أسد، لأنه يراد بذلك التشبيه والاستعارة، فكذلك احياء الأرض بعد موتها، كأنها تحيا بالنبات الذي فيها. وقوله * (وكذلك تخرجون) * قرأ أهل الكوفة إلا عاصما والأعشى من طريق الطبري - بفتح التاء - أضاف الفعل الذي هو الخروج إليهم. الباقون - بالضم - بمعنى يخرجهم الله، والمعنيان قريبان، لأنهم إذا أخرجوا، فقد خرجوا، والمعنى مثل ما يخرج النبات من الأرض كذلك يخرجكم الله بعد ان لم يكن كذلك، تخرجون إلى دار الدنيا بعد ان لم تكونوا، ويعيدكم يوم القيامة بعد ان كنتم قد أعدمكم الله أي لا يشق عليه ذلك. كمالا يشق عليه هذا.
ثم قال تعالى * (ومن آياته) * أي أدلته الواضحة * (ان خلقكم من تراب) * يعني انه خلق آدم الذي هو أبو كم وأصلكم - في قول قتادة وغيره - * (ثم إذا أنتم بشر تنتشرون) * من نسله وذريته، و * (تتفرقون) * في أطراف الأرض فهلا دلكم ذلك على أنه لا يقدر على ذلك غيره تعالى؟ وانه الذي يستحق العبادة دون غيره من جميع خلقه.
وفي هذه الآيات - دلالة واضحة على صحة القياس العقلي، وحسن النظر بلا شك، بخلاف ما يقول قوم: ان النظر باطل. فأما دلالته على القياس
(٢٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 233 234 235 236 237 238 239 240 241 242 243 ... » »»
الفهرست