التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٨ - الصفحة ٢٤٠
المكلفين الذين يتمكنون من الاستدلال بها والاعتبار بها، سواء كانوا عالمين بها أو جاهلين، لان الامكان حاصل لجميعهم وهو أعظم فائدة.
يقول الله سبحانه مخاطبا لخلقه منبها لهم على توحيده وإخلاص العبادة له ب‍ " أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها " والنفس هي الذات في الأصل ثم يستعمل على وجه التأكيد لقولهم: رأيت زيدا نفسه، ويعبر بها عن الروح وغير ذلك. وقد بيناه (1) وقال قتادة المعنى - ههنا - أنه خلقت حواء من ضلع آدم. وقال غيره: المعنى خلق لكم من شكل أنفسكم أزواجا، وقال الجبائي: المعنى خلق أزواجكم من نطفكم. قال البلخي: وذلك يدل على قوله " هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها، فلما تغشاها حملت حملا خفيفا " (2) انه يريد بعض الخلق دون بعض. والزوجة المرأة التي وقع عليها عقد النكاح. والزوج الرجل الذي وقع عليه عقد النكاح.
وقد يقال: للمرأة زوج إذا لم يلبس للاشعار بأنهما نظيران في عقد النكاح عليهما قال الله تعالى " اسكن أنت وزوجك الجنة " (3) وقوله * (لتسكنوا إليها) * يعني سكون إنس وطمأنينة، بأن الزوجة من النفس إذ هي من جنسها ومن شكلها فهو أقرب إلى الألفة والميل بالمودة منها لو كانت من غير شكلها.
وقوله * (وجعل بينكم مودة ورحمة) * أي جعل بينكم رقة التعطف إذ كل واحد من الزوجين يرق على الآخر رأفة العطف عليه، بما جعله الله في قلب كل واحد لصاحبه ليتم سروره.

(1) انظر 5 / 63 - 64 (2) سورة 7 الأعراف آية 188 (3) سورة 2 البقرة آية 35 وسورة 7 الأعراف آية 18
(٢٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 235 236 237 238 239 240 241 242 243 244 245 ... » »»
الفهرست