التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٨ - الصفحة ١٨
فناداه فرعون أسألك بالذي أرسلك لما اخذتها، فاخذها، فعادت عصا، كما كانت - ذكره ابن عباس، والمنهال -.
وقوله " ونزع يده " أي أخرجها من جيبه أو من كمه على ما روي.
ويجوز أن يكون المراد حسر عن ذراعه. والمعنى أنه نزعها عن اللباس التي كان عليها. والنزع إخراج الشئ مما كان متصلا به، وملابسا له.
وقوله " فإذا هي بيضاء " يعني بياضا نوريا كالشمس في إشراقها * (للناظرين) * إليها من غير برص، فقال فرعون عند ذلك لاشراف قومه الذين حوله * (إن هذا) * يعنى موسى * (لساحر عليم) * أي عالم بالسحر والحيل * (يريد أن يخرجكم من أرضكم بسحره) * قيل معناه يريد أن يخرج عبيدكم بني إسرائيل قهرا. ويحتمل أن يكون أراد يخرجكم من دياركم ويتغلب عليكم * (فماذا تأمرون) * في تأديبه، وإنما شاور قومه في ذلك مع أنه كان يقول لهم: انه إله، لأنه يجوز أن يكون ذهب عليه وعلى قومه أن الاله لا يجوز أن يشاور غيره، كما ذهب عليهم أن الاله لا يكون جسما محتاجا، فاعتقدوا إلهيته لما دعاهم إليها مع ظهور حاجته التي لا اشكال فيها، فقال لفرعون اشراف قومه الذين استشارهم " أرجه واخاه " أي أخرهما، فالارجاء التأخير، تقول: أرجأت الامر أرجئه إرجاء، وهم المرجئة، لأنهم قالوا بتأخير حكم الفساق في لزوم العقاب. وقيل:
إنما أشاروا بتأخيره ولم يشيروا بقتله، لأنهم رأوا أن الناس يفتتنون به ان قتل، وإن السحرة إذا قاومته زال ذلك الافتتان، وكان له حينئذ عذر في قتله أو حبسه بحسب ما يراه.
وقوله * (وابعث في المدائن حاشرين) * أي ارسل حاشرين يحشرون الناس من جميع البلدان. فالحشر السوق من جهات مختلفة إلى مكان واحد،
(١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 ... » »»
الفهرست