التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٧ - الصفحة ٢٢٥
الصبر عن محارم الله. ثم قال له " لا نسألك رزقا نحن نرزقك " الخطاب للنبي صلى الله عليه وآله والمراد به جميع الخلق، فان الله تعالى يرزق خلقه، ولا يسترزقهم، فيكون أبلغ في المنة " والعاقبة للتقوى " يعني العاقبة المحمودة لمن اتقى معاصي الله واجتنب محارمه.
وفى الآية دلالة على وجوب اللطف، لما في ذلك من الحجة، لمن في المعلوم انه يصلح به، ولو لم يكن فيه حجة لجرى مجرى أن تقول: لولا فعلت بنا ما لا يحتاج إليه في الدين، ولا الدنيا، من جهة أنه لا حجة فيه، كمالا حجة في هذا.
وقوله " ولو انا أهلكناهم بعذاب من قبله " اخبار منه تعالى أنه لو أهلكهم بعذاب أنزله عليهم جزاء على كفرهم " لقالوا " يوم القيامة " لولا أرسلت " اي هلا أرسلت " الينا رسولا " يدعونا إلى الله ويأمرنا بتوحيده (فنتبع) أدلتك و (آياتك من قبل ان نذل ونخزى) اي قبل أن نهون، يقال: خزي يخزى إذا هان وافتضح وقوله (وقالوا لولا يأتينا بآية من ربه) حكاية عما قال الكفار للنبي صلى الله عليه وآله هلا يأتينا بآية من ربه يريدون الآية التي يقترحونها، لأنه اتى بالآيات. ومن قرأ - بالتاء - وجه الخطاب إليه. ومن قرأ - بالياء - حكى بأنهم قالوا فيما بينهم هلا يأتينا بالمعجز. أو دلالة تدل على صدق قوله، فقال الله لهم (ألم تأتهم بينة ما في الصحف الأولى) يعني ألسنا بينا ذلك في الكتب التي أنزلناها على موسى وعيسى، فلم لم يؤمنوا بها ويصدقوا بها؟ ومن قرأ - بالتاء - وجه الخطاب إليه، فقال الله تعالى لنبيه (قل) لهم يا محمد (كل متربص) اي كل واحد منا ومنكم متربص، فنحن نتربص بكم وعد الله لنا فيكم وأنتم تتربصون بنا ان نموت، فتستريحوا (فستعلمون) اي سوف تعلمون فيما بعد (من أصحاب الصراط السوي) يعني الصراط المستقيم و (من) الذي (اهتدي) إلى طريق الحق. (من) يحتمل أن تكون نصبا إن كانت بمعنى الذي وأن تكون رفعا على طريقة الاستفهام.
(٢٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 220 221 222 223 224 225 227 228 229 230 231 ... » »»
الفهرست