التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٧ - الصفحة ٢٢٨
" قل ربي " على وجه الامر.
هذا اخبار من الله تعالى بأنه " اقترب للناس " يعني دنا وقت " حسابهم " ومعناه دنا وقت اظهار ما للعبد وما عليه ليجازى به وعليه. والحساب اخراج مقدار العدد بعقد يحصل. ويقال: هو إخراج الكمية من مبلغ العدة. وقيل إنه دنا لأنه بالإضافة إلى ما مضى يسير.
وقيل: نزلت الآية في أهل مكة استبطؤا عذاب الله تكذيبا بالوعيد، فقتلوا يوم بدر، والاقتراب قصر مدة الشئ بالإضافة إلى ما مضى من زمانه. وحقيقة القرب قلة ما بين الشيئين، يقال: قرب ما بينهما تقريبا إذا قلل ما بينهما من مدة أو مساقة أو اي فاصلة، والقرب قد يكون في الزمان، وفى المكان، وفي الحال. وقد قيل: كل آت قريب، فلذلك وصف الله تعالى القيامة بالاقتراب، لأنها جائية بلا خلاف.
وقوله " وهم في غفلة معرضون " فالغفلة السهو، وهو ذهاب المعنى عن النفس ونقيضها اليقظة، ونقيض السهو الذكر، وهو حضور المعنى للنفس، والنسيان، هو غروب المعنى عن النفس بعد حضوره. وقوله " معرضون " يعني عن الفكر في ذلك، والعمل بموجبه. وقيل: هم في غفلة بالاشتغال بالدنيا، معرضون عن الآخرة.
وقيل: هم في غفلة بالضلال، معرضون عن الهدى. وهو مثل ما قلناه.
وقوله " ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث " معناه اي شئ من القرآن محدث بتنزيله سورة بعد سورة وآية بعد آية " إلا استمعوه وهم يلعبون " اي كل ما جدد لهم الذكر استمروا على الجهل - في قول الحسن وقتادة - وفي هذه الآية دلالة على أن القرآن محدث، لأنه تعالى اخبر انه ليس يأتيهم ذكر محدث من ربهم إلا استمعوه وهم لاعبون. والذكر: هو القرآن قال الله تعالى " انا نحن نزلنا الذكر
(٢٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 222 223 224 225 227 228 229 230 231 232 233 ... » »»
الفهرست