التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٧ - الصفحة ٢٣٧
وقوله " إن كنا فاعلين " قيل في معنى (ان) قولان:
أحدهما - انها بمعنى (ما) التي للنفي، والمعنى لم نكن فاعلين.
والآخر - انها بمعنى التي للشرط، والمعنى إن كنا نفعل ذلك، فعلناه من لدنا، على ما أردناه إلا انا لا نفعل ذلك.
وقوله " من لدنا " قيل: معناه مما في السماء من الملائكة. وقال الزجاج:
معناه مما نخلقه. ثم قال تعالى " بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه " معناه إنا نلقي الحق على الباطل فيهلكه، والمراد به إن حجج الله تعالى الدالة على الحق تبطل شبهات الباطل. ويقال: دمغ الرجل إذا شج شجة تبلغ أم الدماغ، فلا يحيا صاحبها بعدها.
وقوله " فإذا هو زاهق " أي هالك مضمحل، وهو قول قتادة. يقال: زهق زهوقا إذا هلك. ثم قال لهم، يعني الكفار " ولكم الويل مما تصفون " يعنى الوقوع في العقاب، جزاء على ما تصفون الله به من اتخاذ الأولاد.
ثم اخبر الله تعالى بأن " له من في السماوات والأرض ومن عنده " يعني الملائكة أي يملكهم بالتصرف فيهم (لا يستكبرون) هؤلاء عن عبادة الله (ولا يستحسرون) قال قتادة: معناه لا يعيون. وقال ابن زيد: لا يملون، من قولهم:
بعير حسير إذا أعيا ونام. ومنه قول علقمة بن عبدة:
بها جيف الحسرى فأما عظامها * فبيض واما جلدها فصليب (1) وقيل: معناه يسهل عليهم التسبيح، كسهولة فتح الطرف والنفس - في قول كعب - والاستحسار الانقطاع من الأعياد مأخوذ من قولهم حسر عن ذراعه إذا كشف عنه.
ثم وصف تعالى الذين ذكرهم بأنهم (يسبحون الليل والنهار) اي ينزهونه عما أضافه هؤلاء الكفار إليه من اتخاذ الصاحبة والولد، وغير ذلك من

(1) تفسير الطبري 17 / 9
(٢٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 232 233 234 235 236 237 238 239 240 241 242 ... » »»
الفهرست