التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٧ - الصفحة ٢٢١
وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ومن آنائي الليل فسبح وأطراف النهار لعلك ترضى) (130) خمس آيات.
قرأ الكسائي وأبو عمرو عن عاصم " ترضى " بضم التاء. الباقون بفتحها.
هذا جواب من الله تعالى لمن يقول " لم حشرتني أعمى، وقد كنت بصيرا " فيقول الله له في جواب ذلك كما حشرتك أعمى مثل ذلك " أتتك آياتنا " يعنى أدلتنا وحججنا " فنسيتها " أي تركتها ولم تعتبر بها، وفعلت معها ما يفعله الناسي الذي لم يذكرها أصلا، ومثل ذلك اليوم تترك من ثواب الله ورحمته وتحرم من نعمه، وتصير بمنزلة من قد ترك في المنسى بعذاب لا يفنى.
ثم قال ومثل ذلك " نجزي من أسرف " على نفسه بارتكاب المعاصي، وترك الواجبات ولم يصدق بآيات ربه وحججه.
ثم قال " ولعذاب الآخرة " بالنار " أشد وأبقى " لأنه دائم، وعذاب القبر وعذاب الدنيا يزول. وهذا يقوى قول من قال: إن قوله " معيشة ضنكا " أراد به عذاب القبر. ولا يجوز أن يكون المراد بقوله " فنسيتها " النسيان الذي ينافي العلم لان ذلك من فعل الله لا يعاقب العبد عليه، اللهم إلا أن يراد ان الوعيد على التعرض لنسيان آيات الله. فأجري في الذكر على نسيان الآيات للتحذير من الوقوع فيه.
ثم قال تعالى " أولم يهد لهم كم أهلكنا قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم " قيل: ان قريشا كانت تتجر إلى الشام فتمر بمساكن عاد وثمود، فترى آثار اهلاك الله إياهم، فنبههم الله بذلك على معرفته وتوحيده. وفاعل " يهد " مضمر يفسره " كم أهلكنا " والمعنى أو لم يهد لهم اهلاكنا من قبلهم من القرون. ويجوز أن يكون المضمر المصدر يفسره (كم أهلكنا) وموضع (كم) نصب ب‍ (أهلكنا) في قول الفراء
(٢٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 216 217 218 219 220 221 222 223 224 225 227 ... » »»
الفهرست