التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ٢٨٦
لما ذكر الله تعالى ان من جملة الاعراب من يتخذ انفاقه في سبيل الله مغرما ذكر ان من جملتهم أيضا " من يؤمن بالله " اي يصدق به وباليوم الاخر يعني يوم القيامة وانه يتخذ ما ينفقه في سبيل الله قربات عند الله. قال الزجاج: يجوز في (قربات) ثلاثة أوجه - ضم الراء وإسكانها وفتحها - وما قرئ إلا بالضم، والقربة هي طلب الثواب والكرامة من الله تعالى بحسن الطاعة، وهي تدني من رحمة الله والتقدير انه يتخذ نفقته وصلوات الرسول اي دعاءه له قربة إلى الله. وقال ابن عباس والحسن: معنى وصلوات الرسول استغفاره لهم، وقال قتادة: معناه دعاؤه بالخير والبركة قال الأعشى:
تقول بنتي وقد قربت مرتحلا * يا رب جنب أبي الاوصاب والوجعا عليك مثل الذي صليت فاغتمضي * نوما فان لجنب المرء مضطجعا (1) ثم قال " ألا إنها " يعني صلوات الرسول " قربة لهم " اي تقربهم إلى ثواب الله. ويحتمل أن يكون المراد ان نفقتهم قربة إلى الله. وقوله " سيدخلهم الله في رحمته " وعد منه لهم بان يرحمهم ويدخلهم فيها، وفيه مبالغة " فان الرحمة وسعتهم وغمرتهم، ولو قال فيهم رحمة الله لأفاد انهم اتسعوا للرحمة من الله تعالى وقوله " إن الله غفور رحيم " معناه إنه يستر كثيرا على العصاة ذنوبهم ولا يفضحهم بها لرحمته بخلقه " وغفور رحيم " جميعا من ألفاظ المبالغة فيما وصف به نفسه من المغفرة والرحمة.
قوله تعالى:
والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم

(1) ديوانه 720 القصيدة 13 وقد مر البيت الثاني في 1 / 193
(٢٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 281 282 283 284 285 286 287 288 289 290 291 ... » »»
الفهرست