أهل المدينة " أيضا منافقون، وإنما حذف لدلالة الأول عليه " مردوا على النفاق " يقال: مرد على الشئ يمرد مرودا فهو مارد ومريد إذا عتا وطغى وأعيا خبثا، ومنه (شيطان مارد، ومريد) وقال ابن زيد: معناه أقاموا عليه لم يتوبوا كما تاب غيرهم. وقال ابن إسحاق: معناه لجوا فيه وأبوا غيره. وقال الفراء: معناه مرنوا عليه وتجرءوا عليه وقال الزجاج: فيه تقديم وتأخير والتقدير وممن حولكم من الاعراب منافقون مردوا على النفاق ومن أهل المدينة أيضا مثل ذلك. وأصل المرود الملاسة. ومنه قوله " صرح ممرد من قوارير " (1) اي مملس ومنه الأمرد الذي لا شعر على وجهه، والمرودة والمرداء الرملة التي لا تنبت شيئا، والتمراد بيت صغير يتخذ للحمام مملس بالطين، والمرداء الصخرة الملساء. " لا تعلمهم " معناه لا تعرفهم يا محمد " نحن نعلمهم " اي نعرفهم.
وقوله " سنعذبهم مرتين " قيل في معناه أقوال:
أحدها - قال الحسن وقتادة والجبائي: يعني في الدنيا وفي القبر. وقال ابن عباس: نعذبهم في الدنيا بالفضيحة لان النبي صلى الله عليه وآله ذكر رجلا منهم وأخرجهم من المسجد يوم الجمعة في خطبته قال: اخرجوا فإنكم منافقون، والأخرى في القبر.
وقال مجاهد: يعني في الدنيا بالقتل والسبي والجوع. وفي رواية أخرى عن ابن عباس: أن إحداهما إقامة الحدود عليهم، والأخرى عذاب القبر، وقال الحسن:
إحداهما أخذ الزكاة منهم: والأخرى عذاب القبر، وقال ابن إسحاق: إحداهما غيظهم من أهل الاسلام، والأخرى عذاب القبر. وكل ذلك محتمل غير أنا نعلم أن المرتين معا قبل ان يردوا إلى عذاب النار يوم القيامة. وقوله " ثم يردون إلى عذاب عظيم " معناه ثم يرجعون يوم القيامة إلى عذاب عظيم مؤبد في النار. وروي أن الآية نزلت في عيينة بن حصين وأصحابه.