التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ٢٨٢
سيئة قد وقعت، والاعتذار اظهار ما يقتضي انها لم تقع، ولذلك يجوز ان يتوب إلى الله ولا يجوز ان يعتذر إليه. والاعتذار الذي له قبول هو ما كان صاحبه محقا، فأما الاعتذار بالباطل فهو أسوء لحال صاحبه قال الشاعر:
إذا اعتذر الجاني محا العذر ذنبه * وكل امرئ لا يقبل العذر مذنب (1) قوله تعالى:
سيحلفون بالله لكم إذا انقلبتم إليهم لتعرضوا عنهم فأعرضوا عنهم إنهم رجس ومأويهم جهنم جزاء بما كانوا يكسبون (96) آية.
أخبر الله تعالى عن هؤلاء الذين يعتذرون بالباطل إلى النبي والمؤمنين في تأخرهم عن الخروج معهم أنهم سيقسمون أيضا على ذلك للمؤمنين " إذا انقلبتم إليهم " يعني إذا رجعتم إليهم " لتعرضوا عنهم " اي لتصفحوا عنهم ولا توبخوهم ولا تعنفوهم. ثم أمر الله تعالى المؤمنين والنبي صلى الله عليه وآله أن يعرضوا عنهم اعراض المقت وبين " انهم رجس " اي هم كالنتن في قبحه وهم أنجاس ويقال: رجس نجس على الاتباع، وان " مأواهم " يعني مصيرهم ومآلهم ومستقرهم " جهنم جزاء " اي مكافاة على ما كانوا يكسبونه من المعاصي. والجزاء مقابلة العمل بما يقتضيه من خير أو شر. قال أحمد بن يحيى ثعلب: اللام في قوله " لتعرضوا عنهم " ليست لام غرض وإنما معناه لاعراضكم، وإنما علق - هاهنا - بذلك لئلا يتوهم أنه إذا رضي المؤمنون فقد رضي الله عنهم أيضا فذكر ذلك ليزول هذه الالباس لان المنافقين لم يحلفوا لهم لكي يعرضوا، ولكنهم حلفوا تبرئا من النفاق ولا عراض المسلمين عنهم وأنشد:
سموت ولم تكن أهلا لتسمو * ولكن المضيع قد يصاب

(1) العقد الفريد 2 / 15
(٢٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 277 278 279 280 281 282 283 284 285 286 287 ... » »»
الفهرست