التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ٧٨
واختلفوا في الكاف من قوله " كما " إشارة إلى ماذا؟ فقال الزجاج وغيره:
قوله " كما أخرجك " معطوف على قوله " قل الأنفال لله والرسول " والمعنى في ذلك أن رسول الله لما جعل النفل لمن جعله له وسلمه المؤمنون لذلك على كراهية بعضهم له كراهية طباع، فقال " الأنفال لله والرسول " فامض لذلك، وإن كرهه قوم كما مضيت " كما أخرجك ربك من بيتك بالحق " وهم كارهون أيضا لأنهم كانوا كرهوا خروجه الكراهية التي ذكرناها، وليس على المؤمنين في هذه الكراهية حرج، إذا سلموا الامر لله ورسوله وعملوا بما فيه طاعاتهما. وقال غيره: ذلك معطوف على قوله " يسألونك عن الأنفال " كأنه قال: يسألونك الأنفال كما جادلوك عندما أخرجك ربك من بيتك، فذلك قوله " يجادلونك في الحق بعد ما تبين ". وقال قوم: يجوز أن يكون الكاف عطفا على قوله " أولئك هم المؤمنون حقا.. كما أخرجك ربك من بيتك بالحق ". قال بعضهم " كما أخرجك ربك من بيتك..
فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم ". وقال مجاهد " كما أخرجك ربك من بيتك بالحق.. يجادلونك في الحق من بعد ما تبين " يعني يجادلونك في القتال بعد ما أمرت به. وقال الفراء: قوله " كما أخرجك ربك من بيتك بالحق " جواب قوله " وإن فريقا من المؤمنين لكارهون " فقال: فامض لأمرك في الغنائم على ما شئت " كما أخرجك ربك " مجاز اليمين كأنه، قال والذي أخرجك ربك، فتكون " ما " في موضع الذي كقوله " وما خلق الذكر والأنثى " (1) وتقديره والذي خلق الذكر، وقال أبو عبيدة معمر بن المبنى: " ما " في قوله " كما أخرجك " كما في قوله " وما بناها " (2) اي وبنائها. وقال عكرمة: المعنى " اتقوا الله واصلوا ذات بينكم " فان ذلك خير لكم " كما أخرجك ربك من بيتك بالحق " وكان خير لكم.
وقال بعضهم: الكاف بمعنى (على) كأنه قال: إمض على الذي أخرجك

(1) سورة 92 الليل آية 3 (2) سورة 91 الشمس آية 5
(٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 ... » »»
الفهرست