التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ٣٥
ب‍ (يظلمون) وصف الله تعالى هذا المثل الذي ضربه وذكره بأنه ساء مثلا اي بئس مثلا مثل القوم الذين كذبوا بآيات الله، وانهم بذلك لا يظلمون إلا أنفسهم دون غيرهم، لان عقاب ما يفعلونه من المعاصي يحل بهم فان الله تعالى لا يضره كفرهم ولا معصيتهم كما لا ينفعه طاعتهم وإيمانهم.
قوله تعالى:
من يهد الله فهو المهتدي ومن يضلل فأولئك هم الخاسرون (177) آية.
" فهو المهتدي " كتب - ههنا - بالياء ليس في القرآن غيره بالياء، وأثبت الياء في اللفظ ههنا جميع القراء. وقال الجبائي: معنى الآية من يهديه الله إلى نيل الثواب. كما يهدي المؤمن إلى ذلك والى دخول الجنة فهو المهتدي للايمان والخير، لان المهتدي هو المؤمن فقد صار مهتديا إلى الايمان والى نيل الثواب.
ومن يضله الله عن الجنة وعن نيل ثوابها عقوبة على كفره أو فسقه، " فأولئك هم الخاسرون " لأنهم خسروا الجنة ونعيمها وخسروا أنفسهم والانتفاع بها. وقال البلخي المهتدي هو الذي هداه الله فقبل الهداية وأجاب إليها، والذي أضله الله هو الضال الذي اختار الضلالة فأضله الله بمعنى خلى بينه وبين ما اختاره وترك منعه بالخير على أنه إذا ضل عن امر الله عند امتحانه وتكليفه جاز أن يقال: ان الله أضله. وقيل: معنى " من يهدي الله " من يحكم الله بهدايته " فهو المهتدى " ومن حكم بضلالته فهو الخائب الخاسر.
قوله تعالى:
ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس لهم قلوب
(٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 ... » »»
الفهرست