التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ٣٤
وقوله: " فمثله كمثل الكلب " ضرب الله مثل البارك لاياته والعادل عنها بأخس مثل في أخس أحواله، فشبهه بالكلب، لان كل شئ يلهث فإنما يلهث في حال الاعياء والكلال إلا الكلب فإنه يلهث في حال الراحة والتعب، وحال الصحة وحال المرض. وحال الري وحال العطش وجميع الأحوال، فقال تعالى إن وعظته فهو ضال وان لم تعظه فهو ضال كالكلب إن طردته وزجرته فإنه يلهث، وإن تركته يلهث، وهو مثل قوله " وإن تدعوهم إلى الهدى لا يتبعوكم سواء عليكم أدعوتموهم أم أنتم صامتون " (1) وقوله تعالى " ذلك مثل القوم الذين كذبوا بآياتنا " يعني هذا المثل الذي ضربه بالكلب هو مثل الذين كذبوا بآيات الله. وقال الجبائي إنما شبهه بالكلب لأنه لما كفر بعد ايمانه صار يعادي المؤمنين ويؤذيهم، كما أن الكلب يؤذي الناس طردته أو لم تطرده فإنه لا يسلم من أداه.
وقوله تعالى " فاقصص القصص " معناه فاقصص على الناس ما نبينه لك لكي يتذكروا ويتفكروا فيرجعوا إلى طاعة الله وينزجروا عن معاصيه. وقال ابن جريج مثله بالكلب، لان الكلب لا فؤاد له فيقطعه الفؤاد حملت عليه أو تركته، شبه من ترك الآيات كأنه لا فؤاد له. واللهث التنفس الشديد من شدة الاعياء، وفي الكلب طباع يقال: لهث يلهث لهثا فهو لاهث ولهثان.
قوله تعالى:
ساء مثلا القوم الذين كذبوا بآياتنا وأنفسهم كانوا يظلمون (176) آية بلا خلاف.
التقدير ساء مثلا مثل القوم، وحذف لدلالة الكلام عليه و " أنفسهم " نصب

(1) سورة 7 الأعراف آية 192
(٣٤)
مفاتيح البحث: المرض (1)، الضرب (1)، الضلال (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 ... » »»
الفهرست