التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ١٦٠
قبض على يده بالاستيلاء عليه ولذلك يقال في الملك المتنازع فيه لمن اليد؟ وقوله " ان يعلم الله في قلوبكم خيرا " يعني اسلاما. وقيل معناه إن يعلم منكم خيرا في المستقبل بأن يفعلوه فيعلمه الله موجودا، لان ما لم يفعل لا يعلمه موجودا والخير النفع العظيم، وهو هاهنا البصيرة في دين الله وحسن النية في امر الله. وقوله " يؤتكم خيرا " يعني يعطيكم خيرا " مما اخذ منكم " من الفداء. وقال الحسن أطلقهم بالفداء، ولو لم يسلموا لم يتركهم.
وقوله " ويغفر لكم " يعني زيادة مما يؤتيهم يغفر لهم معاصيهم ويسترها عليهم لأنه غفور رحيم. وروي عن العباس أنه قال: كان معي عشرون أوقية فأخذت مني فأعطاني مكانها عشرين عبدا ووعدني بالمغفرة. وقال العباس في نزلت وفي أصحابي هذه الآية، وهو قول ابن عباس والضحاك وقتادة وغيرهم:
قوله تعالى:
وإن يريدوا خيانتك فقد خانوا الله من قبل فأمكن منهم والله عليم حكيم (71) آية.
معنى الآية ان هؤلاء الأسارى ان علم الله في قلوبهم خيرا اخلف عليهم خيرا مما اخذ منهم. وان عزموا على الخيانة، ونقض العهد وفعلوا خلاف ما وقع عليه العقد من تأدية فرض الله، فقد خانوا الله من قبل هذا. والمعنى فقد خانوا أولياء الله، لان الله لا يمكن ان يخان، لأنه عالم بالأشياء كلها لا يخفى عليه خافية.
والخيانة هاهنا نقض الطاعة لله ورسوله التي شهدت بها الدلالة. وقوله " فأمكن منهم " المعنى لما خانوا بأن خرجوا إلى بدر وقاتلوا مع المشركين، فقد أمكن الله منهم بان غلبوا وأسروا. فان خانوا ثانيا فيمكن الله منهم مثل ذلك. والامكان هو القدرة على الشئ مع ارتفاع المانع، وما لو حرص عليه صاحبه أتم الحرص لم
(١٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 155 156 157 158 159 160 161 162 163 164 165 ... » »»
الفهرست