التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ١٥٢
قوله تعالى:
يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين (64) آية.
هذا خطاب من الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وآله يقول له: يكفيك أن يكون ناصرك على أعدائك الله تعالى، والذين اتبعوك من المؤمنين من المهاجرين والأنصار، وإنما كرر قوله " حسبك " مع أنه قد ذكر فيما قبل، لان المعنى هناك إن أرادوا اخداعك كفاك الله أمرهم. وهاهنا معناه عام في كل ما يحتاج فيه إلى كفاية الله إياه. وقوله " ومن اتبعك " يحتمل اعرابه وجهين:
أحدهما - أن يكون نصبا. والمعنى ويكفي من اتبعك على التأويل، لان الكاف في موضع خفض بالإضافة لكنه مفعول به في المعنى، فعطف على المعنى، وليس ذلك بكثير. وأجاز الفراء الرفع لقوله " إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مئتين " ومثله قوله " انا منجوك وأهلك " (1) وقال الشاعر:
إذا كانت الهيجاء وانشقت العصا * فحسبك والضحاك سيف مهند (2) وهو معنى قول الشعبي وابن زيد. وقال الحسن: هو عطف على اسم الله، فيكون رفعا. والكسائي، والفراء، والزجاج أجازوا الوجهين وحمل عليهما معا أبو علي الجبائي. والاتباع موافقة الداعي فيما يدعوا إليه من اجل دعائه.
والمؤمنون يوافقون النبي صلى الله عليه وآله في كل ما دعا إليه. وقال الواقدي: نزلت هذه الآية في بني قريظة وبني النضير لما قالوا له: نحن نسلم ونتبعك.
قوله تعالى:
يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال إن يكن منكم

(١) سورة ٢٩ العنكبوت آية ٣٣.
(٢) القرطبي ٨ / ٤٢ ومعاني القرآن 1 / 417 وتفسير القاسمي 8 / 303
(١٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 ... » »»
الفهرست