التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ٣٢٥
يكون ما يعرفه به أثبت مما يعرفه به الاخر.
قال الرماني: والفرق بين الهداية والدلالة ان الهداية مضمنة بأنها نصبت ليهتدي بها صاحبها، وليس كذلك الدلالة، قال: ولذلك كثر تصرفها في القرآن، كما كثر تصرف الرحمة، لأنها على المحتاج. وهذا فرق غير صحيح لان الدلالة أيضا لا تسمى دلالة الا إذا نصبت ليستدل بها، ولذلك لا يقال:
اللص دل على نفسه إذا فعل آثار أمكن ان يستدل بها على مكانه، ولم يقصد ذلك.
وقوله " لو أنا " فتحت (ان) بعد (لو) مع أنه لا يقع فيه المصدر، لان الفعل مقدر بعد (لو) كأنه قيل: لو وقع الينا أنا أنزل هذا الكتاب علينا، الا أن هذا الفعل لا يظهر من اجل طول (ان) بالصلة، ولا يحذف مع المصدر الا في الشعر قال الشاعر:
لو غيركم علق الزبير بحبله * أدى الجوار إلى بني العوام فقال الله لهم " فقد جاءكم بينة من ربكم " يعني حجة واضحة " وهدى ورحمة " وأدلة مؤدية إلى الحق، ورحمة منه تعالى وانعام " فمن أظلم ممن كذب بآيات الله " يعني فمن أظلم لنفسه ممن كذب بآيات الله " وصدف عنها " أي اعرض عنها غير مستدل بها ولا مفكر فيها. وهو قول ابن عباس ومجاهد وقتادة والسدي.
فان قيل كيف قال " فمن أظلم ممن كذب بآيات الله " بأن يجحدها، ولو فرضنا انه ضم إلى ذلك قتل النفوس وانتهاك المحارم كان أظلم؟.
قلنا عنه جوابان:
أحدهما - للمبالغة لخروجه إلى المنزلة الداعية إلى كل ضرب من الفاحشة.
والاخر - انه لا خصلة ممن ظلم النفس أعظم من هذه الخصلة.
ثم قال تعالى " سنجزي الذين يصدفون " أي يعرضون " عن آياتنا سوء العذاب " أي شديده " بما كانوا يصدفون " أي جزاء بما كانوا يعرضون
(٣٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 320 321 322 323 324 325 326 327 328 329 330 ... » »»
الفهرست