التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ٢٤٨
" وتمت كلمات ربك " انها بتمامها موافقة لما توجبه المصلحة من غير زيادة ولا نقصان. والتمام والكمال والاستيفاء نظائر. وان جميعه صدق ولا كذب فيه كما يقال: كمل فلان إذا تمت محاسنه.
وفي الآية دلالة على أن كلام الله محدث، لأنه وصفه بالتمام والعدل وذلك لا يكون الا حادثا. والتبديل وضع شئ مكان شئ، فلا أحد يقدر ان يضع مكان كلمة الله يناقضها به. وقال قتادة: لا مبدل لها فيما حكم به لأنه وان أمكن التغيير والتبديل في اللفظ كما بدل أهل الكتاب التوراة والإنجيل، فإنه لا يعتد بذلك، لأنه لا يقلبه بحق ينقضه. ويجوز أن يكون المراد بقوله " وتمت كلمات ربك " أنها أتتك شيئا بعد شئ حتى كملت.
وقوله " وهو السميع العليم " معناه أنه على صفة يجب ان يسمع المسموعات إذا وجدت عالم بما يكون ظاهرا وباطنا، فلا يظن ظان أن شيئا من ذلك يخفي عليه تعالى.
قوله تعالى:
وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون (116) آية بلا خلاف.
هذا خطاب من الله لنبيه ولجميع المؤمنين انه من يطع أكثر من في الأرض من الكفار ويتبع ما يريدونه يضلوه عن سبيل الله، لأنه كان في ذلك الوقت أكثر أهل الأرض كفارا. والطاعة هي امتثال الامر وإجابة ما أريد منه إذا كان المريد فوقه، والفرق بينه وبين الإجابة أن الإجابة عامة في موافقة الإرادة الواقعة موقع المسألة، ولا تكون إجابة الا بأن يفعل لموافقة الدعاء بالامر، ومن أجله لا يراعي فيها الرتبة.
(٢٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 243 244 245 246 247 248 249 250 251 252 253 ... » »»
الفهرست