التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ٢٤٣
العامل في قوله " ولتصغى " قوله " يوحي " وهي لام الغرض وتقديره يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول ليغرونهم ولتصغى إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة، وتكون الهاء في قوله " إليه " عائدة إلى القول المزخرف، ولا يجوز أن يكون العامل فيها جعلنا، لان الله تعالى لا يجوز أن يريد منهم أن تصغي قلوبهم إلى الكفر ووحي الشياطين، اللهم الا ان يجعلها لام العاقبة كما قال " فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا " (2) غير أن هذا غير معلوم أن كل من أرادوا منه الصغو صغى، ولم يصح ذلك أيضا في قوله " وليرضوه وليقترفوا ما هم مقترفون " لأنه غير معلوم حصول جميع ذلك.
وعلى ما قلناه يكون جميع ذلك معطوفا بعضه على بعض ويكون مرادا كله للشياطين. وقال الجبائي: ان هذه لام الامر، والمراد بها التهديد، كما قال " واستفزز " (3) وقال " اعملوا ما شئتم " (4) قال لان علامة النصب والجزم تتفق في سقوط النون في قوله " وليرضوه وليقترفوا " وهذا غير صحيح، لأنها لو كانت لام الامر لقال " ولتصغ " بحذف الألف وما قاله إنما يمكن ان يقال في قوله " وليرضوه وليقترفوا " فأما في قوله " ولتصغى " فلا يمكن، فبان بذلك أنها لام كي. وقال الزجاج والبلخي: اللام في " ولتصغى " لام العاقبة وما بعده لام الامر الذي يراد به التهديد، وهذا جائز غير أن فيه تعسفا. ومعنى (صغا) مال و " لتصغى " أي لتميل، وهو قول ابن عباس وابن زيد، تقول: صغوت إليه أصغى صغوا وصغوا وصغيت أصغي بالياء أيضا وأصغيت إليه اصغاء بمعنى قول الشاعر:
ترى السفيه به عن كل محكمة * زيغ وفيه إلى التشبيه اصغاء (5) ويقال أصغيت الاناء إذا أملته لتجمع ما فيه فاصله الميل لغرض من الاغراض.

(٢) سورة ٢٨ القصص آية ٨ (٣) سورة ١٧ الاسرى آية ٦٤ (٤) سورة ٤١ حم السجدة (فصلت) آية ٤٠ (٥) اللسان (صغا) وتفسير القرطبي ٧ / 69 وتفسير الطبري 12 / 58.
(٢٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 238 239 240 241 242 243 244 245 246 247 248 ... » »»
الفهرست