التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ٢٣٠
قوله تعالى:
اتبع ما أوحي إليك من ربك لا إله إلا هو وأعرض عن المشركين (106) آية بلا خلاف.
أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وآله أن يتبع ما أوحي إليه من ربه، والاتباع هو أن يتصرف الثاني بتصريف الأول، والنبي صلى الله عليه وآله كان يتصرف في الدين بتصريف الوحي فلذلك كان متبعا، وكذلك كل متدبر بتدبير غيره فهو متبع له والايحاء هو القاء المعنى إلى النفس من جهة يخفى، وإنما أعاد قول " لا إله إلا هو " لان المعنى أدعهم إلى أنه لا إله إلا هو، فعلى هذا ليس بتكرار، هذا قول الحسن. وقال الجبائي: لأنه بمعنى الزمه وحده. وقال غيره: لان معناه اتبع ما أوحي إليك من أنه لا إله إلا هو.
وقوله " واعرض عن المشركين " أمر للنبي صلى الله عليه وآله بالاعراض عن المشركين، ولا ينافي ذلك أمره إياه بدعائهم إلى الحق وقتالهم على مخالفتهم لامرين:
أحدهما - أنه أمره بالاعراض عنهم على وجه الاستجهال لهم فيما اعتقدوه من الاشراك بربهم.
الثاني - قال ابن عباس: نسخ ذلك بقوله " اقتلوا المشركين " (1) وأصل الاعراض هو الانصراف بالوجه إلى جهة العرض. والعرض خلاف الطول، ومنه (وأعرضت اليمامة). أي ظهرت كالظهور بالعرض ومنه العارضة لظهور المساواة بها كالظهور بالعرض، والاعتراض المنع من الشئ بحاجز عنه عرضا ومنه العرض الذي يظهر كالظهور بالعرض ثم لا يلبث. وحد أيضا بأنه ما يظهر في الوجود ولا يكون له لبث كلبث الجواهر.

(1) سورة 9 التوبة آية 6.
(٢٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 225 226 227 228 229 230 231 232 233 234 235 ... » »»
الفهرست