التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ٢١٩
وقيل إن المعنى المشركين ادعوا أن الملائكة بنات الله، والنصارى المسيح ابن الله واليهود عزير ابن الله ومن شدد كأنه ذهب إلى التكثير.
أخبر الله تعالى أن هؤلاء الكفار العادلين عن الحق المتخذين معه آلهة جعلوا له أندادا وشركاء الجن، كما قال " وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا " (1) وقال " وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا " (2) وقال " ويجعلون لله البنات " (3) ووصفهم بالجن لخفائهم عن الابصار وقوله " وجعلوا لله شركاء الجن " أراد به الكفار الذين جعلوا الملائكة بنات الله والنصارى الذين جعلوا المسيح ابن الله، واليهود الذين جعلوا عزيرا ابن الله، ولذلك قال " وخرقوا له بنين وبنات " ففصل أقوالهم.
وقيل إن معنى " شركاء الجن " في استعاذتهم بهم.
وقيل إن المعنى ان المجوس تنسب الشر إلى إبليس وتجعله بذلك شريكا.
والهاء والميم في قوله " وخلقهم " يحتمل أن تكون عائدة إلى الكفار الذين جعلوا لله الجن شركاء. ويحتمل أن تكون عائدة على الجن، ويكون المعنى " وجعلوا لله شركاء الجن " والله خلق الجن فكيف يكونون شركاء له.
وفي نصب الجن وجهان أحدهما - أن يكون تفسيرا للشركاء وبدلا منه.
والاخر - أن يكون مفعولا به ومعناه وجعلوا لله الجن شركاء وهو خالقهم.
وروي عن يحيى بن يعمر انه قرأ " وخلقهم " بسكون اللام بمعنى أن الجن شركاء لله في خلقه إيانا، وهذه القراءة ضعيفة. والقراءة المعروفة أجود، لان المعنى وخلقهم بمعنى أن الله خلقهم متفردا بخلقه إياهم.
وقوله " وخرقوا له بنين وبنات " معناه تخرصوا، وهو قول ابن عباس ومجاهد وقتادة والسدي وابن زيد وغيرهم، فيتلخص الكلام أن هؤلاء الكفار جعلوا لله الجن شركاء في عبادتهم إياه مع أنه المتفرد بخلقهم بغير شريك ولا معين

(1) سورة 37 الصافات آية 158 (2) سورة 43 الزخرف آية 17 (3) سورة 16 النحل آية 57.
(٢١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 214 215 216 217 218 219 220 221 222 223 224 ... » »»
الفهرست