التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ٢٢٦
(فاعل) إلى (فعيل) للمبالغة.
الثاني - أنه لطيف التدبير، وحذف لدلالة الكلام عليه.
والخبير هو العالم بالأشياء المتبين لها، وما ذكرناه من أن معنى الآية نفي الرؤية عن نفسه على كل حال قول جماعة منهم عائشة، روى مسروق عن عائشة انها قالت: من حدثك أن رسول الله رأى ربه فقد كذب " لا تدركه الابصار وهو يدرك الابصار " و " ما كان لبشر أن يكلمه الله الا وحيا أو من وراء حجاب (1) ولكن رأى جبرائيل في صورته مرتين. وفي رواية أخرى أن مسروقا لما قال لها: هل رأى محمد ربه؟ قالت: سبحان الله، لقد وقف شعري مما قلت، ثم قرأت الآية. وقال الشعبي قالت عائشة من قال: ان أحدا رأى ربه فقد أعظم الفرية على الله، وقرأت الآية، وهو قول السدي وجماعة أهل العدل من المفسرين كالحسن والبلخي والجبائي والرماني وغيرهم. وقال أهل الحشو والمجبرة بجواز الرؤية على الله تعالى في الآخرة وتأولوا الآية على الإحاطة وقد بينا فساد ذلك.
قوله تعالى:
قد جاءكم بصائر من ربكم فمن أبصر فلنفسه ومن عمي فعليها وما أنا عليكم بحفيظ (104) آية بلا خلاف.
البصائر جمع بصيرة وهي الدلالة التي توجب العلم الذي يبصر به نفس الشئ على ما هو به والمراد ههنا قد جاءكم القرآن الذي فيه الحجج والبراهين، قال الشاعر:
جاؤوا بصائرهم على أكتافهم * وبصيرتي يعدو بها عتد وأي (2)

(1) سورة 42 الشورى آية 51 (2) اللسان (بصر)، (عتد)، (وأي) وتفسير الطبري 12 / 24 والبصيرة الدم، والشاعر يعير أخوته لأبيه لعدم أخذهم بثأر أبيهم وقد أخذ هو بدم أبيه ويروى (حملوا بصائرهم) و (راحوا بصائرهم). والعتد الحاضر المعد للكروب.
(٢٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 221 222 223 224 225 226 227 228 229 230 231 ... » »»
الفهرست