التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ١٥٧
الله إليه، كما قال: " الله يتوفى الأنفس حين موتها " (1).
وقال البلخي: " واختاره الحسين بن علي المغربي " يتوفاكم " بمعنى يحصيكم عند منامكم واستقراركم، قال الشاعر:
ان بني الادرم ليسوا من أحد * ليسوا من قيس وليسوا من أسد ولا توفاهم قريش في العدد (2) معناه لا تحصيهم في العدد.
وقوله: " ويعلم ما جرحتم بالنهار " أي كسبتم، تقول فلان جارحة أهله أي كاسبهم، ومنه قوله: " وما علمتم من الجوارح مكلبين " (3) أي من الكواسب التي تكسب على أهلها، وهو قول مجاهد.
وقوله: " ثم يبعثكم فيه " أي في النهار، فجعل انتباههم من النوم بعثا " ليقضى أجل مسمى " ليستوفى الأجل المسمى للحياة إلى حين الموت. ثم " إليه مرجعكم " يعني يوم القيامة فيحشرهم الله إلى حيث لا يملك فيه الامر سواه. " ثم ينبئكم " يعني يخبركم ويعلمكم " بما كنتم تعملون " في الدنيا فيجازيكم على أعمالكم، وفيها دلالة على خزيهم وحاجتهم، واحتجاج عليهم أنه لا يستحق العبادة سواه إذ هو الفاعل لجميع ما يستحق به العبادة مما عدده والقادر عليه دون من يعبدونه من الأوثان والأصنام.
قوله تعالى:
وهو القاهر فوق عباده ويرسل عليكم حفظة حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون (61) ثم ردوا إلى الله موليهم الحق ألا له الحكم وهو أسرع الحاسبين (62) آيتان

(1) سورة 39 الزمر آية 42.
(2) مقاييس اللغة 3: 270 واللسان (وفي) وروايته " الادرد " مع حذف البيت الثاني وجعل الثالث بعد الأول وكذلك في الطبري 11: 405.
(3) سورة 5 المائدة آية 5.
(١٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 ... » »»
الفهرست