التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ١٦١
بعده من لفظ الغيبة، وموضع (يدعونه) نصب على الحال، وتقديره قل من ينجيكم داعين وقائلين " لئن أنجيتنا ". ومن قرأ من الكوفيين " لئن أنجانا " طلب المشاكلة. ومن قرأ بالتاء واجه بالخطاب ولم يراع المشاكلة. ويقوي ذلك قوله في أخرى " لئن أنجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين. قل الله ينجيكم " فجاء أنجيتنا على الخطاب وبعده اسم غيبة.
وأما إمالة حمزة والكسائي فحسنة، لان هذا النحو من الفعل إذا كان على أربعة أحرف استمرت فيه الإمالة، لانقلاب الألف ياء في المضارع.
ومن قرأ " خفية " بكسر الخاء، فلان أبا عبيدة قال " خفية " تخفون في أنفسكم وخفي غيره خفية، وخفية لغتان، وحكي خفوة وخفوة بالواو، كما قالوا حل حبوته وحبيته، ولا يقرأ بذلك. فأما قوله " تضرعا وخيفة " ففعلة من الخوف. وانقلبت الواو، للكسرة. والمعنى ادعوا خائفين خافيين، قال الشاعر:
فلا تقعدن على زخة * وتضمر في القلب وجدا وخيفا (1) يريد جمع خيفة.
أمر الله تعالى نبيه ان يخاطب الخلق ويقول لهم على وجه التقريع لمن يعبد الأصنام منهم - " من ينجيكم من ظلمات البر والبحر " ومعناه شدائد البر والبحر، تقول العرب لليوم الذي يلقى فيه الشدة: يوم مظلم حتى أنهم يقولون:
يوم ذو كواكب أي قد اشتدت ظلمته حتى صار كالليل، قال الشاعر:
ابني أسد هل تعلمون بلاءنا * إذا كان يوم ذو كواكب أشهب وقال آخر:
فدى لبني ذهل بن شيبان ناقتي * إذا كان يوم ذو كواكب أشهب (2) فمعنا ظلمات البر والبحر شدائدهما. وقوله: " تدعونه... وخفية " أي مظهرين الضراعة، وهي شدة الفقر إلى الشئ والحاجة و " تدعونه...

(1) قائله صخر الغي. اللسان " زخخ ". الزخ والزخة " بتشديد الخاء ":
الحقد والغيظ.
(2) اللسان " شهب " أنشده سيبويه. في المطبوعة " أشنع " بدل (اشهب).
(١٦١)
مفاتيح البحث: الخوف (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 156 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 ... » »»
الفهرست