الاستذكار - ابن عبد البر - ج ١ - الصفحة ١٧٠
والأصل في الماء الطهارة لأن الله قد جعله طهورا فهو كذلك حتى يجمع المسلمون أنه نجس بما دخله والمؤمن لا نجاسة فيه والنجاسة فيه أعراض داخلة والمرأة في ذلك كالرجل إذا سلما مما يعرض من النجاسات وللعلماء في هذه المسألة خمسة أقوال أحدها الكراهية لأن يتطهر الرجل بفضل المرأة والثاني أن تتطهر المرأة بفضل وضوء الرجل والثالث أنهما إذا شرعا جميعا في التطهر فلا بأس به وإذا خلت المرأة بالطهور فلا خير في أن يتطهر بفضل طهورها والرابع أنه لا بأس أن يتطهر كل واحد منهما بفضل طهور صاحبه ما لم يكن الرجل جنبا والمرأة حائضا أو جنبا وهو قول بن عمر (والذي) عليه جماعة فقهاء الأمصار أنه لا بأس بفضل وضوء المرأة وسؤرها حائضا كانت أو جنبا خلت به أو شرعا معا إلا أحمد بن حنبل فإنه قال إذا خلت المرأة بالطهور فلا يتوضأ منه الرجل إنما الذي رخص فيه أن يتوضأ جميعا وذكر حديث الحكم بن عمرو الغفاري حدثنا عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ حدثنا أحمد بن زهير حدثنا أبي حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث حدثنا شعبة قال حدثنا عاصم الأحول عن أبي حاجب عن الحكم الغفاري أن النبي عليه السلام ((نهى أن يتوضأ الرجل بفضل المرأة)) (1) لا يدري فضل سؤرها أو فضل طهورها قال أبو عمر الآثار في الكراهية في هذا الباب مضطربة لا تقوم بها حجة والآثار الصحاح هي الواردة بالإباحة مثل حديث بن عمر هذا ومثل حديث جابر وحديث عائشة وغيرهم كلهم يقول إن الرجال كانوا يتطهرون مع النساء جميعا من إناء واحد وأن عائشة كانت تفعل ذلك وميمونه وغيرهما من أزواجه صلى الله عليه وسلم وعلى ذلك جماعة أئمة الفتوى وقد روي عن بن عباس أنه سئل عن فضل وضوء المرأة فقال هن ألطف بنانا وأطيب ريحا وهذا منه جواب بجواز فضلها على كل حال
(١٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 ... » »»