الاستذكار - ابن عبد البر - ج ١ - الصفحة ١٧٣
وعلى الكوفيين للحجازين حجاج يطول ذكره واعتراضات بعضهم في ذلك على بعض لا سبيل إلى إيرادها في مثل هذا الكتاب مالك أنه رأى ربيعة بن عبد الرحمن يقلس (1) مرارا وهو في المسجد فلا ينصرف ولا يتوضأ حتى يصلي قال يحيى وسئل مالك عن رجل قلس طعاما هل عليه وضوء فقال ليس عليه وضوء وليتمضمض من ذلك وليغسل فاه قال يحيى وسئل مالك هل في القيء وضوء قال لا ولكن ليتمضمض من ذلك وليغسل فاه وليس عليه وضوء وقد تقدم من قول مالك أنه قال لا وضوء إلا مما يخرج من ذكر أو دبر أو نوم يعني ثقيلا وقد تقدم القول في هذا المعنى وما فيه لمالك وسائر العلماء إلا القيء والقلس فنذكره هنا بما فيه من التنازع أما مالك والشافعي وأصحابهما فلا وضوء في القيء والقلس عند واحد منهم وقال أبو حنيفة ومحمد في القيء والقلس كله الوضوء إذا ملأ الفم إلا البلغم وقال أبو يوسف وفي البلغم أيضا إذا ملأ الفم وقال الثوري والحسن بن حي وزفر في قليل القلس والقيء وكثيره الوضوء إذا ظهر على اللسان وقال الأوزاعي لا وضوء فيما يخرج من الجوف إلى الفم من الماء إلا الطعام فإن في قليله الوضوء وهو قول بن شهاب في القيء الوضوء وحجة من أوجب الوضوء في القيء حديث ثوبان ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قاء فتوضأ قال وأنا صببت له وضوءه)) وهذا حديث لا يثبت عند أهل العلم بالحديث ولا في معناه ما يوجب حكما لأنه يحتمل أن يكون وضوءه ها هنا غسل فمه ومضمضته وهو أصل لفظ الوضوء في اللغة وهو مأخوذ من الوضاءة والنظر يوجب أن الوضوء المجتمع عليه لا ينتقض إلا بسنة ثابتة لا مدفع فيها أو إجماع ممن تجب الحجة بهم
(١٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 ... » »»