الاستذكار - ابن عبد البر - ج ١ - الصفحة ١٧٢
قالوا ولو زالت بالشمس أو بغيرها حتى لا تدرك معها ولا يرى ولا يعلم موضعها فذلك تطهير لها وهو قول داود وقد كان يلزم داود أن يقوده أصله فيقول إن النجاسة المجتمع عليها لا تزول إلا بإجماع على زوالها ولا إجماع إلا مع القائلين بأنها لا يزيلها إلا الماء الذي خصه الله بأن جعله طهورا وقد أمر رسول الله بغسل النجاسات بالماء لا بغير وبذلك أمر أسماء فقال لها في إزالة دم الحيض من ثوبها حتيه (1) واقرصيه (2) بالماء (3) وإذا ورد التوقيف والنص على الماء لم يجز خلافه وللكوفيين آثار يحتجون بها منها حديث موسى بن عبد الله بن يزيد عن امرأة من بني عبد الأشهل قالت ((قلت يا رسول الله إن لنا طريقا إلى المسجد منتنة فكيف نفعل إذا مطرنا أو تطهرنا قال أليس بعدها طريق أطيب منها قلت بلى فقال فهذه بهذه)) (4) وقد ذكرناه من طرق في التمهيد وهو محتمل للتأويل أيضا ومن حجتهم أيضا قوله عليه السلام ((إذا وطئ أحدكم بخفيه أو نعليه في الأذى فالتراب لها طهور)) (5) وهو حديث مضطرب الإسناد لا يثبت اختلاف فيه على الأوزاعي وعلى سعيد) بن أبي سعيد اختلافا لا يسقط به الاحتجاج واحتجوا أيضا بقول عبد الله بن مسعود ((كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نتوضأ من موطئ)) (6) وهذا أيضا يحتمل التأويل واحتجوا بالإجماع على أن الخمر إذا تخللت من ذاتها طهرت وطابت ومعلوم أن طرقها لم يغسل بماء وهذا أيضا يحتمل التأويل
(١٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 ... » »»