الاستذكار - ابن عبد البر - ج ١ - الصفحة ١٦٧
ولما كانت الهرة وهي سبع يفترس ويأكل الميتة - أنه ليس بنجس دل ذلك أن كل حي لا نجاسة فيه ما دام حيا حاشى الخنزير المحرم العين فإنه قد اختلف فيه فقيل إنه إذا ماس الماء أفسده وهو حي وقيل إنه لا يفسده على حديث في عمر السباع وظاهر قوله عليه السلام ((الماء لا ينجسه شيء)) يعني إلا ما غلب عليه وظهر فيه من النجاسة بدليل الإجماع على ذلك وإلى هذا يذهب أكثر أصحابنا وبه نقول وكذلك الطير كله ما أكل منه الجيف وما لم يأكل لا بأس بسؤره إلا أن تكون في فمه نجاسة تغير الماء اعتبارا بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الهر وقد روي عن بن عمر أن الكلاب كانت تقبل وتدبر في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يغسل شيء من أثرها وهذا يدل على أنه ليس في حي نجاسة وإنما النجاسة في الميت وفيما ثبت معرفته عند الناس من النجاسات المجتمع عليها والتي قامت الدلائل بنجاستها كالبول والغائط وسائر ما يخرج من المخرجين والخمر وقد يكون من الميتة ما ليس بنجس وهو كل شيء ليس له دم سائل مثل بنات وردان (1) والزنبور والعقرب والجعلان (2) والصرار والخنفساء ومض أشبه ذلك والأصل فيه حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ((إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليغمسه كله ثم يطرحه)) (3) ومنهم من يرويه فليمقله (4) والمعنى سواء وقد ذكرنا الخبر بذلك في التمهيد ومعلوم أن الذباب مع ضعف خلقه إذا غمس في الماء والطعام مات فيه
(١٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 ... » »»