بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٢ - الصفحة ٦٧
يختبره ليعلم ما تكشف الأيام عنه وهذا ما لا يصح، (1) لأنه عز وجل علام الغيوب. والضرب الاخر من الابتلاء أن يبتليه حتى يصبر فيما يبتليه به فيكون ما يعطيه من العطاء على سبيل الاستحقاق، ولينظر إليه الناظر فيقتدي به فيعلم من حكمة الله عز وجل أنه لم يكل أسباب الإمامة إلا إلى الكافي المستقل (2) الذي كشفت الأيام عنه بخير. فأما الكلمات فمنها ما ذكرناه، ومنها اليقين، وذلك قول الله عز وجل: " وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين ".
ومنها المعرفة بقدم بارئه وتوحيده وتنزيهه عن التشبيه حين نظر إلى الكوكب و القمر والشمس، واستدل بأفول كل واحد منها على حدثه، وبحدثه على محدثه، ثم علمه بأن الحكم بالنجوم خطأ في قوله عز وجل: " فنظر نظرة في النجوم فقال إني سقيم " وإنما قيده الله سبحانه بالنظرة الواحدة لان النظرة الواحدة لا توجب الخطاء إلا بعد النظرة الثانية بدلالة قول النبي صلى الله عليه وآله لما قال لأمير المؤمنين عليه السلام: يا علي أول النظرة لك، والثانية عليك لا لك.
ومنها الشجاعة وقد كشفت الأصنام عنه بدلالة قوله عز وجل: " إذ قال لأبيه و قومه ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون * قالوا وجدنا آباءنا لها عابدين * قال لقد كنتم أنتم وآباؤكم في ضلال مبين. قالوا أجئتنا بالحق أم أنت من اللاعبين * قال بل ربكم رب السماوات والأرض الذي فطرهن وأنا على ذلكم من الشاهدين * وتالله لأكيدن أصنامكم بعد أن تولوا مدبرين * فجعلهم جذاذا إلا كبيرا لهم لعلهم إليه يرجعون " ومقاومة الرجل الواحد الوفا من أعداء الله عز وجل تمام الشجاعة. ثم الحلم مضمن معناه في قوله عز وجل: " إن إبراهيم لحليم أواه منيب " ثم السخاء وبيانه في حديث ضيف إبراهيم المكرمين. ثم العزلة عن أهل البيت والعشيرة مضمن معناه في قوله:
" وأعتزلكم وما تدعون من دون الله " الآية. والامر بالمعروف والنهي عن المنكر بيان ذلك في قوله عز وجل: " يا أبت لم تعبد مالا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا * يا أبت

(1) في نسخة: وهذا مما لا يصح.
(2) ": إلى الكافي المستقل بها.
(٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 ... » »»
الفهرست