بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٢ - الصفحة ٣٧٨
بجميع الكفار " بقيت الله خير لكم " أي ما أبقى الله لكم من الحلال بعد إتمام الكيل والوزن خير من البخس والتطفيف، وشرط الايمان لأنهم إن كانوا مؤمنين بالله عرفوا صحة هذا القول; وقيل: معناه: إبقاء الله النعيم عليكم خير لكم مما يحصل من النفع بالتطفيف; وقيل:
طاعة الله; (1) وقيل: رزق الله " وما أنا عليكم بحفيظ " أي وما أنا بحافظ نعم الله عليكم إن أراد أن يزيلها عنكم، أو ما أنا بحافظ لأعمالكم إن علي إلا البلاغ " أصلاتك تأمرك " إنما قالوا ذلك لان شعيبا كان كثير الصلاة، وكان يقول إذا صلى: إن الصلاة رادعة عن الشر، ناهية عن الفحشاء والمنكر، فقالوا: أصلاتك التي تزعم أنها تأمر بالخير وتنهى عن الشر أمرتك بهذا؟! عن ابن عباس وقيل: معناه: أدينك يأمرك بترك دين السلف؟ كني عن الدين بالصلاة لأنها من أجل أمور الدين وإنما قالوا ذلك على وجه الاستهزاء. (2) " أو أن نفعل " قال البيضاوي عطف على " ما " أي وأن نترك فعلنا ما نشاء في أموالنا، وهو جواب النهي عن التطفيف والامر بالايفاء; وقيل: كان ينهاهم عن تقطيع الدراهم والدنانير فأرادوا به ذلك " على بينة من ربي " إشارة إلى ما آتاه الله من العلم والنبوة " ورزقني " إشارة إلى ما آتاه الله من المال الحلال، وجواب الشرط محذوف، تقديره:
فهل يسع لي مع هذا الانعام أن أخون في وحيه وأخالفه في أمره ونهيه " وما أريد أن أخالفكم " أي وما أريد أن آتي ما أنهاكم عنه لاستبد به. فلو كان صوابا لاثرته ولم أعرض عنه فضلا أن أنها كم عنه، يقال: خالفت زيدا إلى كذا: إذا قصدته وهو مول عنه، وخالفته عنه إذا كان الامر بالعكس " إن أريد " اي ما أريد إلا أن أصلحكم بأمري بالمعروف ونهيي عن المنكر ما دمت أستطيع الاصلاح، فلو وجدت الاصلاح فيما أنتم عليه لما نهيتكم " وما توفيقي " لإصابة الحق والرشاد إلا بهدايته ومعونته. (3)

(1) وأضاف السيد الرضى على هذه الوجوه وجها آخر، قال: وقد قيل: بقية الله أي عفو الله عنكم ورحمته لكم بعد استحقاقكم العذاب، كما يقول العرب المتحاربون بعضهم لبعض إذا استحر فيهم القتل واعضلهم الخطب: البقية البقية أي نسألكم البقية علينا، والبقية ههنا والابقاء بمعنى واحد.
(2) مجمع البيان 5: 187 - 188. م (3) أنوار التنزيل 1: 224. م
(٣٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 373 374 375 376 377 378 379 380 381 382 383 ... » »»
الفهرست