كنز الفوائد - أبو الفتح الكراجكي - الصفحة ١٧٤
المخافة فيها ولو ضادت إحداهما الحكمة وأبطلت الاحتجاج لكانت كذلك الأخرى فإن قال فالأظهر ابداء شخصه وأقام الحجة على مخالفيه وان أدي ذلك إلى قتله قيل لهم ان الحجة في تثبيت إمامته قائمة في الأمة والدلالة على إمامته موجودة ممكنة والنصوص من رسول الله صلى الله عليه وآله ومن الأئمة غيبته مأثورة متصلة فلم يبق بعد ذلك أكثر من مطالبة الخصم لنا بظهوره ليقتل فهذا غير جائز وقد قال الله سبحانه * (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة) * البقرة وقال موسى عليه السلام * (ففررت منكم لما خفتكم) * الشعراء فان قال السائل ان في ظهوره تأكيدا لإقامة الحجة وكشفا لما يعترض أكثر الناس في امره من الشبهة فالأوجب ظهوره وان قتل لهذه العلة قيل له قد قلنا في النهي عن التغرير بالنفس ما فيه كفاية ونحن نأتي بعد ذلك بزيادة فنقول انه ليس كلما نرى فيه تأكيدا لإقامة الحجة فإن فعله واجب ما لم يكن فيه لطف ومصلحة الا ترى ان قائلا لو قال لم لم يعاجل الله تعالى العصاة بالعقاب والنقمة ويظهر آياته للناس في كل يوم وليلة حتى يكون ذلك آكد في اقامته عليهم الحجة أليس كان جوابنا له مثل ما أجبنا في ظهور صاحب الغيبة من أن ذلك لا يلزم ما لم يفارق وجها معلوما من المصلحة وعندنا ان الله سبحانه لم يمنعه من الظهور وان قتل إلا وقد علم مصلحة المكلفين مقصورة على كونه إماما لهم بعينه وان لا يقوم غيره فيها مقامه فلذلك امره بالاستتار المدة التي علم أنه متى ظهر فيها قتله الفجار فإن قال الخصم هلا أظهره الله تعالى وأرسل معه ملائكة تبيد كل من اراده بسوء وتهلك من قصده بمكروه قيل له قد سئلت الملحدة عن مثل هذا السؤال في ارسال الأنبياء عليهم السلام فقالوا لم لم يبعث الله تعالى معهم من الاملاك من يصد عنهم كل سوء يقصدهم به العباد فكان الجواب لهم ان المصالح ليست واقعة بحسب تقدير الخلائق فيقال لهم لم لم يكن صلاحا والا فعلى الله تعالى وصنع وإنما هي بحسب المعلوم عند الله عز وجل وبعد فإن اصطلام الله تعالى للعاصين ومعاجلته باهلاك سائر الظالمين قاطع لنظام التكليف وربما اقتضى ذلك عموم الجماعة بالهلاك كما كان في الأمم السالفة في الزمان وهو أيضا مانع للقادرين من النظر في زمان الغيبة المؤدي إلى المعرفة والاجابة فقد يصح ان يكون فيهم ومنهم في هذه المدة من ينظر فيعرف الحق ويعتقده أو يكون فيهم معاندون مقرون قد علم الله سبحانه انهم ان بقوا كان من نسلهم ذرية صالحة فلا يجوز ان يحرمها الوجود باعدامهم في مقتضى الحكمة وليس العاصون في كل زمان هذا حكمهم وربما علم ضد ذلك منهم فاقتضت الحكمة اهلاكهم كما كان في زمن نوح عليه السلام حيث قال * (رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا انك ان تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا) * نوح فإن قال السائل
(١٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 ... » »»