كنز الفوائد - أبو الفتح الكراجكي - الصفحة ١٧١
في الاستطاعة فتعلمنا ما نرى عليه رأيك ورأي آبائك فإنكم ذرية بعضها من بعض من علم الله علمتم وهو الشاهد عليكم وأنتم شهداء على الناس والسلام فاجابه الحسن بن علي صلوات الله عليهما من الحسن بن علي إلى الحسن البصري أما بعد فقد انتهى إلي كتابك عند حيرتك وحيرة من زعمت من امتنا وكيف ترجعون إلينا وأنتم بالقول دون العمل واعلم أنه لولا ما تناهى إلي من حيرتك وحيرة الأمة قبلك لأمسكت عن الجواب ولكني الناصح ابن الناصح الأمين والذي انا عليه انه من لم يؤمن بالقدر خيره وشره فقد كفر ومن حمل المعاصي على الله عز وجل فقد فجر ان الله تعالى لا يطاع باكراه ولا يعصى بغلبة ولم يهمل العباد سدى من المملكة ولكنه عز وجل المالك لما ملكهم والقادر على ما عليه أقدرهم فإن ائتمروا بالطاعة لم يكن الله عز وجل لهم صادا ولا عنها مانعا وائتمروا بالمعصية فشاء سبحانه ان يمن عليهم فيحول بينهم وبينها فعل وان لم يفعل فليس هو حملهم عليها اجبارا ولا ألزمهم بها اكراها بل احتجاجه جل ذكره عليهم ان عرفهم وجعل لهم السبيل إلى فعل ما دعاهم إليه وترك ما نهاهم عنه ولله الحجة البالغة والسلام (وروى) محمد بن سنان عن داود بن كثير الرقي ان أبا حنيفة قال لابن أبي ليلى مر بنا إلى موسى بن جعفر عليهما السلام لنسأله عن أفاعيل العباد وذلك في حياة جعفر الصادق عليه السلام وموسى يومئذ غلام فلما صار إليه سلما عليه ثم قالا له أخبرنا عن أفاعيل العباد ممن هي فقال لهما إن كانت أفاعيل العباد من الله دون خلقه فالله أعلا وأعز واعدل من أن يعذب عبيده على فعل نفسه وإن كانت من الله ومن خلقه فالله أعلى وأعز من أن يعذب عبيده على فعل قد شاركهم فيه وإن كانت أفاعيل العباد من العباد فإن عذب فبعدله وان غفر فهو أهل التقوى وأهل المغفرة ثم أنشأ يقول * لم تخل أفعالنا اللاتي نذم بها * إحدى ثلاث معان حين نأتيها * إما تفرد بارينا بصنعتها * فيسقط الذم عنا حين ننشيها * أو كان يشركنا فيها فيلحقه * ما سوف يلحقنا من لائم فيها * أو لم يكن لإلهي في جنايتها * ذنب فما الذنب الا ذنب جانيها * (كلام الصادق لزرارة) ومما حفظ عن الصادق عليه السلام في ذلك قوله لزرارة بن أعين يا زرارة أعطيك جملة في القضاء والقدر قال له زرارة نعم جعلت فداك قال إذا كان يوم القيامة وجمع الله الخلائق سئلهم عما عهد إليهم ولم يسئلهم عما قضى عليهم (فصل) من كلام أمير المؤمنين عليه السلام وآدابه وحكمه * لا رأي لمن انفرد برايه * ما عطب من استشار من شاور ذوي الألباب * دل على الصواب النصح لمن قبله * رأى الشيخ أحب إلي من حيلة الشاب * رب واثق خجل اللجاجة * تسلب الرأي الطمأنينة قبل الحزم التدبير قبل العمل يؤمنك الندم * من استقبل وجوه الآراء عرف مواقع الخطا * من تحرى القصد خفت عليه المؤن * من
(١٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 ... » »»