كنز الفوائد - أبو الفتح الكراجكي - الصفحة ١٧٢
كابد الأمور عطب * لولا التجارب عميت المذاهب * في التجارب علم مستأنف * في التواني والعجز أنتجت الهلكة * احذر العاقل إذا أغضبته * والكريم إذا هنته * والنذل إذا أكرمته * والجاهل إذا صاحبته * من كف عنك شره فاصنع به ما سره * من آمنت من اذيته فارغب في اخوته * (فصل) الكلام في الغيبة وسببها ان قال قائل ما السبب الموجب لغيبة صاحب الزمان عليه وعلى آبائه أفضل السلام قيل له لا يسئل عن هذا السؤال إلا من قد اعطى صحة وجود الامام وسلم ما نذكره من غيبته من الأنام لأن النظر في سبب الغيبة فرع عن كونها فلا يجوز ان يسئل عن سببها من يقول إنها لم تكن وكذلك الغيبة نفسها فرع عن صحة الوجود إذ كان لا يصح غيبة من ليس بموجود فمن جحد وجود الامام (فلا يصح كلامه في ما بعد ذلك من هذه الأحوال فقد بان انه لا بد من تسليم الوجود والإمامة) و الغيبة أما تسليم دين واعتقاد ليكشف السائل عن السبب الموجب للاستتار وأما ان يكون تسليم نظر واحتجاج لينظر السائل عن السبب إن كان كلامنا في الفرع ملائما للأصل وانه مستمر عليه من غير أن يضاده وينافيه فإن قال السائل انا أسلم لك ما ذكرتموه من الأصل لا نظر إن كان ينتظم معه جوابكم عن الفرع فما السبب الان في غيبة الإمام عليه السلام فقيل له أول ما نقوله في هذا انه ليس يلزمنا معرفة هذا السبب ولا يتعين علينا الكشف عنه ولا يضرنا عدم العلم به والواجب علينا اللازم لنا هو ان نعتقد ان الامام الوافر المعصوم الكامل العلوم لا يفعل إلا ما هو موافق للصواب وان لم نعلم الأغراض في أفعاله والأسباب فسواء ظهر أو استتر قام أو قعد كل ذلك يلزمه فرضه دوننا ويتعين عليه فعل الواجب فيه سؤلنا وليس يلزمنا علم جميع ما علم كما لا يلزمنا فعل جميع ما فعل وتمسكنا بالأصل من تصويبه في كل فعل يغنينا في المعتقد عن العلم بأسباب ما فعل فإن عرفنا أسباب أفعاله كان حسنا وان لم نعلمها لم يقدح ذلك في مذهبنا كما أنه قد ثبت عندنا وعند مخالفينا إصابة رسول الله صلى الله عليه وآله في جمع أقواله وافعاله والتسليم له والرضا بما يأتي منه وان لم نعرف سببه ولو قيل لنا لم قاتل المشركين على كثرتهم يوم بدر وهو في ثلاثمائة من أصحابه وثلاثة عشر أكثرهم رجاله ومنهم من لا سلاح معه ورجع عام الحديبية عن اتمام العمرة وهو في العدة القوية ومن معه من المسلمين ثلاثة آلاف وستمائة واعطى سهيل بن عمرو جميع مناه ودخل تحت حكمه ورضاه من محو بسم الله الرحمن الرحيم من الكتاب ومحو اسمه من النبوة واجابته إلى أن يدفع عن المشركين ثلث ثمار المدينة وان يرد إليهم من اتاه ليسلم على يده منهم مع ما في هذا من المشقة العظيمة والمخالفة في الظاهر للشريعة لما ألزمنا الجواب عن ذلك أكثر من أنه اعرف بالمصلحة من الأمة وانه لا يفعل هذا إلا لضرورة يختص بعلمها ملجئة أو مصلحة تقتضيه تكون له معلومة وهو الوافر الكامل الذي
(١٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 ... » »»