شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٨ - الصفحة ٤١٣
محمد ومن أحب محمدا وآل محمد العفاف والكفاف، وارزق من أبغض محمدا وآل محمد المال والولد.
* الشرح قوله: (قال رسول الله اللهم ارزق محمدا وآل محمد.... العفاف والكفاف) العفاف بالفتح عفة البطن والفرج عن الطغيان، أو العفة من السؤال عن الإنسان، أو الجميع (وأرزق من أبغض محمدا وآل محمد المال والولد) لما كان شيء من المال ضروريا في البقاء والعبادة وهو الكفاف الواقع بين الطرفين طرف الفقر الذي فيه رائحة الكفر والعصيان، وطرف الغني الذي فيه شائبة التكبر والطغيان طلبه لنفسه ولمحبيه وطلب لمن أبغضهم طرف الغني والكثرة لأن مفاسده أكثر وأعظم وفتنته أشد وأفخم من مفاسد الفقر وفتنته كما قال عز وجل (إنما أموالكم وأولادكم فتنة» وقال:
(إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى» وقال أمير المؤمنين (عليه السلام) «المال مادة الشهوات» وبالجملة لما كان حصول الكفاف مانعا من دواعي طرفي التفريط والإفراط وكان العبد معه مستقيم الأحوال على سواء الصراط طلبه لنفسه ولمحبيه ومضمون الحديث متفق عليه بين الخاصة والعامة. ففي مسلم عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال «اللهم اجعل رزق محمد قوتا» والمراد بالقوت الكفاف وعنه أيضا «اللهم اجعل رزق محمد كفافا» وعنه أيضا «اللهم اجعل رزق آل محمد قوتا» قال عياض لا خلاف في فضلة ذلك لقلة الحساب عليه فإنما اختلف أيهما أفضل: الفقر أو الغنى، واحتج كل لمذهبه، واحتج من فضل الفقر بدخول الفقراء الجنة قبل الأغنياء، وقال القرطبي القوت ما يقوت الأبدان ويكف عن الحاجة هذا الحديث متوسطة بين الفقر والغنى، وخير الامور أوسطها، أيضا فإنه حالة يسلم معها من آفات الفقر وآفات الغنى.
قال الابي في كتاب إكمال الإكمال: في المسألة خلاف والمتحصل فيها أربعة أقوال قيل الغنى أفضل، وقيل الفقر والفقر أفضل من الكفاف وأطال الإحتجاج عليه في جامع المقدمات والمراد بالرزق المذكور ما ينتفع به (صلى الله عليه وآله وسلم) في نفسه وفي أهل بيته وليس المراد به الكسب لأنه كسب من خيبر ومن غيرها فوق القوت انتهى كلامه. وأعلم أن الأحاديث مختلفة ففي بعضها طلب الغنى واليسار، وفي بعضها طلب الكفاف، وفي بعضها طلب الفقر، وفي بعضها الإستعاذة من الفقر ويمكن أن يقال المراد بطلب الغنى طلب الكفاف لأن الكفاف هو الغنى المطلوب عند أهل العصمة (عليهم السلام) وليس المراد به ما هو المتعارف عند أبناء الدنيا من جمع المال وادخاره والاتساع فيه فوق الحاجة، وبالاستعاذة من الفقر الإستعاذة مما دون الكفاف وهو الفقر عندهم (عليهم السلام) وأقوى أفراده عند أهل الدنيا، وعلى هذا لا تنافي بين الأخبار والله وأعلم.
(٤١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 408 409 410 411 412 413 414 415 416 417 418 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب طينة المؤمن والكافر 3
2 باب آخر منه 15
3 باب آخر منه 21
4 باب 32
5 باب 35
6 باب 36
7 باب 42
8 باب 43
9 باب 44
10 باب 46
11 باب الإخلاص 49
12 باب الشرائع 57
13 باب دعائم الإسلام 61
14 باب 74
15 باب آخر منه 85
16 باب 87
17 باب 101
18 باب السبق إلى الإيمان 121
19 باب درجات الإيمان 130
20 باب آخر منه 135
21 باب نسبة الإسلام 138
22 باب خصال المؤمن 143
23 باب 151
24 باب صفة الإيمان 159
25 باب فضل الإيمان على الإسلام واليقين على الإيمان 163
26 باب حقيقة الإيمان واليقين 168
27 باب التفكر 174
28 باب المكارم 178
29 باب فضل اليقين 186
30 باب الرضا بالقضاء 196
31 باب 206
32 باب حسن الظن بالله عز وجل 227
33 باب الطاعة والتقوى 235
34 باب العفة 251
35 باب اجتناب المحارم 253
36 باب أداء الفرائض 257
37 باب استواء العمل والمداومة عليه 259
38 باب العبادة 261
39 باب النية 265
40 باب 269
41 باب الإقتصاد في العبادة 271
42 باب 274
43 باب الصبر 277
44 باب الشكر 291
45 باب حسن الخلق 303
46 باب حسن البشر 312
47 باب الحياء 317
48 باب العفو 319
49 باب كظم الغيظ 323
50 باب الحلم 328
51 باب الصمت وحفظ اللسان 333
52 باب المداراة 343
53 باب الرفق 347
54 باب التواضع 354
55 باب 363
56 باب ذم الدنيا والزهد فيها 372
57 باب باب القناعة 407
58 باب الكفاف 412
59 باب تعجيل فعل الخير 415
60 باب الإنصاف والعدل 419
61 استدراك 428