شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٧ - الصفحة ٣٧٩
جزم بأنه رأى مثاله المعصوم من الشيطان كما يجزم الصحابي بذلك، وأما غير هذين فلا يجزم أنه رآى مثاله بل يجوز أن يكون رأى مثاله ويحتمل أن يكون من تخييل الشيطان ولا يفيده قول المثال:
أنا رسول الله، ولا قول من حضر معه: هذا رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأن الشيطان يكذب لنفسه ويكذب لغيره.
وموضع الإشكال قصره الرؤيا على الرجلين (1) وتجويزه في رؤية غير الرجلين أن يكون ما رآه من تخيل الشيطان مع شهادته (عليه السلام) أن الشيطان لا يتمثل به. فإن قلت: إذا لم تقصر رؤياه على الرجلين فبم يعلم غيره أنه رأى مثاله؟
قلت: يجوز أن يكون باعتقاد خلقه الله تعالى للرائي أن الذي رآه هو مثاله وقد تقرر أن محل الإدراك من النائم لا يأتي عليه النوم، ثم قال القرافي: وإذا تقرر أنه لابد من تحقيق رؤية مثاله المخصوصة فيشكل ذلك بما تقرر في كتب التعبير أنه يرى شيخا وشابا وأسود وذاهب العينين والقدمين وعلى أنواع شتى من المثل التي ليست مثالا له. قال: والجواب أن الأحوال صفات الرائي وأحوالهم تظهر فيهم وهو كالمرآة فإذا صح للرائي المثال والضبط فرؤيته أسود تدل على ظلم الرائي، ورؤيته ذاهب العينيين تدل على عدم إيمان الرائي إدراكه ذهب، ورؤيته ذاهب القدمين تدل على أن الرائي منع من ظهور الشريعة ونفوذ أمرها لأن القدم يعبر بها عن القدرة. ورؤيته شابا تدل على أن الرائي يستهزء به لأن الشاب محتقر. ورؤيته شيخا تدل على أن الرائي يعظم النبوة لأن الشيخ يعظم وغير ذلك من الصفات الدالة على الأحكام المختلفة ثم قال القرافي: قلت لبعض أشياخي إذا صح أن يراه على هذه الكيفيات فكيف ينفي المثال وهو لم ينف ولم يكن كذلك في الحياة؟
فقال لي: لو كان لك أب شاب تغيب عنه ثم جئت فوجدنه شيخا أو أصابه يرقان أصفر أو يرقان أسود أو بطلت أعضاؤه كنت تشك أنه أبوك قلت: لا قال: فما ذلك إلا لما انطبع في نفسك من مثاله المتصور عندك الذي لا تجهل مع عروض هذه الأحوال وغير الرجلين لا يثق بأنه رآه (2).

1 - قوله «وموضع الإشكال قصره الرؤيا على الرجلين» من التزم أن المراد رؤياه بعينه (صلى الله عليه وآله) لا محيص له عن الالتزام بهذا الإشكال ومن أراد التخلص منه لابد له من اختيار قول الباقلاني والقرطبي وغيرهما وأن المراد من رؤيته (صلى الله عليه وآله) رؤياه في مثال مطابق لصفته في الواقع أو غير مطابق أو مشكوك لمطابقة مع العلم الضروري بأنه هو بروحه بإلهام رب العالمين. (ش) 2 - قوله «وغير الرجلين لا يثق بأنه رآه» وعلى ذلك فيكون كلام رسول الله (صلى الله عليه وآله) بلا مصداق إذ ينحصر فيمن رآه من الصحابة ثم رآه بعده في منامه وأما تعيين الصورة بالصفات المذكورة في الكتب فقد مر أنه غير ممكن وقد ذكر الشارح حديث كشف الغمة وأن رجلا في عهد الرضا (عليه السلام) رآه (صلى الله عليه وآله) في منامه فتمسك (عليه السلام) بهذا الحديث على أنه رؤيا صادقة وبالجملة فكلام القرافي متجاهل. (ش)
(٣٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 374 375 376 377 378 379 380 381 382 383 384 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب فيما جاء أن حديثهم صعب مستصعب 3
2 باب ما أمر النبي (صلى الله عليه وآله) بالنصيحة لأئمة المسلمين واللزوم لجماعتهم ومن هم؟ 14
3 باب ما يجب من حق الإمام على الرعية وحق الرعية على الإمام 22
4 باب أن الأرض كلها للامام (عليه السلام) 34
5 باب سيرة الإمام في نفسه وفي المطعم والملبس إذا ولي الأمر 43
6 باب فيه نكت ونتف من التنزيل في الولاية 51
7 باب فيه نتف وجوامع من الرواية في الولاية 128
8 باب في معرفتهم أولياءهم والتفويض إليهم 137
9 باب النهي عن الإشراف على قبر النبي (صلى الله عليه وآله) 194
10 باب مولد أمير المؤمنين صلوات الله عليه 196
11 باب مولد الزهراء فاطمة (عليها السلام) 213
12 باب مولد الحسن بن علي صلوات الله عليهما 226
13 باب مولد الحسين بن علي (عليهما السلام) 231
14 باب مولد علي بن الحسين (عليهما السلام) 236
15 باب مولد أبي جعفر محمد بن علي عليهما السلام 240
16 باب مولد أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام 245
17 باب مولد أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام 252
18 باب مولد أبي الحسن الرضا عليه السلام 273
19 باب مولد أبي جعفر محمد بن علي الثاني عليهما السلام 284
20 باب مولد أبي الحسن علي بن محمد عليهما السلام 296
21 باب مولد أبي محمد الحسن بن علي عليهما السلام 312
22 باب مولد الصاحب (عليه السلام) 335
23 باب ما جاء في الاثني عشر والنص عليهم (عليهم السلام) 357
24 باب في ذا قيل في الرجل شيء فلم يكن فيه وكان في ولده أو ولد ولده فهو الذي قيل 383
25 باب أن الأئمة كلهم قائمون بأمر الله تعالى هادون إليه (عليهم السلام) 384
26 باب صلة الإمام (عليه السلام) 386
27 باب الفيء والأنفال وتفسير الخمس وحدوده وما يجب فيه 389
28 فهرس الآيات 417