شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٧ - الصفحة ٣٣٢
وقت صلاة الظهر، فقال لي: افصد هذا العرق، قال: وناولني عرقا لم أفهمه من العروق التي تفصد، فقلت في نفسي: ما رأيت أمرا أعجب من هذا، يأمرني أن أفصد في وقت الظهر وليس بوقت فصد، والثانية عرق لا أفهمه، ثم قال لي: انتظر وكن في الدار، فلما أمسى دعاني وقال لي: سرح الدم، فسرحت ثم قال لي: أمسك، فأمسكت، ثم قال لي: كن في الدار، فلما كان نصف الليل أرسل إلي وقال لي: سرح الدم قال: فتعجبت أكثر من عجبي الأول وكرهت أن أسأله قال: فسرحت فخرج دم أبيض كأنه الملح. قال: ثم قال لي: احبس قال: فحبست قال: ثم قال: كن في الدار، فلما أصبحت أمر قهرمانه أن يعطيني ثلاثة دنانير فأخذتها وخرجت حتى أتيت ابن بختيشوع النصراني فقصصت عليه القصة قال: فقال لي: والله ما أفهم ما تقول ولا أعرفه في شيء من الطب ولا قرأته في كتاب ولا أعلم في دهرنا أعلم بكتب النصرانية من فلان الفارسي فأخرج إليه قال فاكتريت زورقا إلى البصرة وأتيت الأهواز ثم صرت إلى فارس إلى صاحبي فأخبرته الخبر قال: وقال لي: أنظرني أياما فأنظرته ثم أتيته متقاضيا قال: فقال لي: إن هذا الذي تحكيه عن هذا الرجل فعله المسيح في دهره مرة.
* الشرح:
قوله (فلما أصبحت أمر قهرمانه) (1) في النهاية: القهرمان كالخازن والوكيل الحافظ لما تحت

١ - قوله «أمر قهرمانه» وروى القصة في الخرائج بوجه أبسط ولعل غرض الإمام (عليه السلام) من فعله ذلك أن الطب والعلوم الطبيعية كانت رائجة في ذلك العصر وأكثر الناس مقبلون عليها وهي للعوام مزلة فإنهم يجعلون القوى الطبيعية مضادة للتأثيرات الروحانية وربما يتوهمون الاستغناء عن التوسل والدعاء بالأسباب المادية كما نرى في عصرنا من كثير فأراد (عليه السلام) خرق العادة بخلع الأسباب عن التأثير وتوجيه النفوس إلى الله تعالى ومبدأ للأمور غير الطبايع وهذا معلوم في الجملة للفلاسفة. والشيخ أبو علي بن سينا أورد في الإشارات ثلاثة أدلة لإثبات أن النفس ليست هي المزاج أو تابعا للمزاج بل هي تعارض مزاج البدن وتنافيه، الدليل الأول الحركة الإرادية إلى جهات مختلفة فإنها ليست للطبايع فإن الطبيعة تقتصى شيئا واحدا غير مختلف فالحركة إلى فوق والطبيعة تميل إلى السفل تدل على أن النفس ليست من الطبيعة، الثاني الحسن والإدراك فإنهما ليسا للطبيعة والمزاج وهو واضح، الثالث أن الطبايع المختلفة في المزاج تقتضي الانفاك في أسرع ما يكون من الزمان ولذا يتلاشى البدن بعد الموت بلا مهلة وأن النفس تقهر المزاج على الثبات والبقاء وجمع الأضداد مدة طويلة فليست النفس مزاجا أو متفرعة على المزاج بل لها مبدء آخر ولذلك تقدر على قهر المزاج على خلاف مقتضى طبعه وهذه أمور يغفل عنها الطبيعيون والأطباء إذ فنهم حفظ المزاج فتبين بعمل الإمام (عليه السلام) وفصده أن النفس القوية قادرة على قهر الطبيعة على خلاف مقتضاها كما أن نفوسنا أيضا تقدر على ذلك والاختلاف بين النفوس بالشدة والضعف إلا أن قهر نفوسنا لأبداننا معتاد معهود يغفل عنه وقهر نفس الإمام (عليه السلام) لمقتضى طبيعته كان خرقا للعادة موجبا للإعجاب وسببا لالتفات الناس إلى مبدء آخر في العالم قاهر للطبائع.
وروى في المناقب عن الإمام (عليه السلام) كلاما يحل العقدة عن عويصة أخرى نظير ذلك وهو أن العقل إذا دل على شيء صريحا ودل ظاهر الشرع على خلافه لا يجوز رد الشرع أو الشك فيه بل يجب تأويل ظاهر الشرع إذ ربما يصدر عن القائل الحكيم كلام لا يراد به ظاهره بل مقصود القائل غيره. قال في المناقب عن أبي القاسم الكوفي في كتاب التبديل أن إسحاق الكندي يعني يعقوب بن إسحاق كان فيلسوف العراق في زمانه أخذ في تأليف تناقض القرآن وشغل نفسه بذلك وتفرد به في منزله وأن بعض تلامذته دخل يوما على الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) فقال له أبو محمد: أما فيكم رجل رشيد يردع استادكم الكندي عما أخذ فيه - إلى أن قال -: قال أبو محمد: أتؤدي إليه ما ألقيه إليك قال: نعم قال:... فقل له إن أتاك هذا المتكلم بهذا القرآن هل يجوز أن يكون مراده بما تكلم به منه غير المعاني التي قد ظننتها انك ذهبت إليها فإنه سيقول: أنه من الجائز. اه. (ش).
(٣٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 327 328 329 330 331 332 333 334 335 336 337 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب فيما جاء أن حديثهم صعب مستصعب 3
2 باب ما أمر النبي (صلى الله عليه وآله) بالنصيحة لأئمة المسلمين واللزوم لجماعتهم ومن هم؟ 14
3 باب ما يجب من حق الإمام على الرعية وحق الرعية على الإمام 22
4 باب أن الأرض كلها للامام (عليه السلام) 34
5 باب سيرة الإمام في نفسه وفي المطعم والملبس إذا ولي الأمر 43
6 باب فيه نكت ونتف من التنزيل في الولاية 51
7 باب فيه نتف وجوامع من الرواية في الولاية 128
8 باب في معرفتهم أولياءهم والتفويض إليهم 137
9 باب النهي عن الإشراف على قبر النبي (صلى الله عليه وآله) 194
10 باب مولد أمير المؤمنين صلوات الله عليه 196
11 باب مولد الزهراء فاطمة (عليها السلام) 213
12 باب مولد الحسن بن علي صلوات الله عليهما 226
13 باب مولد الحسين بن علي (عليهما السلام) 231
14 باب مولد علي بن الحسين (عليهما السلام) 236
15 باب مولد أبي جعفر محمد بن علي عليهما السلام 240
16 باب مولد أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام 245
17 باب مولد أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام 252
18 باب مولد أبي الحسن الرضا عليه السلام 273
19 باب مولد أبي جعفر محمد بن علي الثاني عليهما السلام 284
20 باب مولد أبي الحسن علي بن محمد عليهما السلام 296
21 باب مولد أبي محمد الحسن بن علي عليهما السلام 312
22 باب مولد الصاحب (عليه السلام) 335
23 باب ما جاء في الاثني عشر والنص عليهم (عليهم السلام) 357
24 باب في ذا قيل في الرجل شيء فلم يكن فيه وكان في ولده أو ولد ولده فهو الذي قيل 383
25 باب أن الأئمة كلهم قائمون بأمر الله تعالى هادون إليه (عليهم السلام) 384
26 باب صلة الإمام (عليه السلام) 386
27 باب الفيء والأنفال وتفسير الخمس وحدوده وما يجب فيه 389
28 فهرس الآيات 417