شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٧ - الصفحة ٢٢٩
الزاد ما قذف الله في قلوبهم ثم رفعوا شراعا وسيبوها في البحر فما زالت تسير بهم حتى رمت بجدة فأتوا النبي (صلى الله عليه وآله) فقال لهم النبي (صلى الله عليه وآله): أنتم أهل الذريح نادى فيكم العجل قالوا نعم قالوا:
أعرض عينا يا رسول الدين والكتاب فعرض عليهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) الدين والكتاب والسنن والفرائض والشرائع كما جاء به من عند الله وولى عليهم رجلا من بني هاشم سيره معهم فما بينهم اختلاف حتى الساعة. ولا يبعد أن تكون هذه إحدى هاتين المدينتين، وللسهروردي تأويل (1) في جابلق وجابلس ذكره في كتابه حكمة الإشراق تركناه تحرزا من الإطناب (2).

(١) قوله «وللسهروردي تأويل» أوله شارحه قطب الدين بعالم المثال وأصل الخبر على ما في معجم البلدان واللوامع لا يحتاج إلى تأويل كما قلنا، وأما في الكتاب فمشتمل على غرائب من المبالغات التي تسري الأخبار على ما هو معهود في نقل الوقائع لأن ألف ألف مصراع يقتضي كون محيط البلد أعظم من محيط كرة الأرض خمس مرات إن فرض بين كل باب وباب آخر أربعمائة ذراع فقط ومحيط الأرض لا يزيد على ستة آلاف فرسخ، والمقدار المذكور يناهز ثلاثين ألف فرسخ. وأيضا سبعون ألف ألف لغة يقتضى على فرض كون المتكلم بكل لغة ألف إنسان على الأقل - إذ لا يتصور لأقل من هذا العدد لغة مستقلة - أن يكون عدة نفوس تلك المدينة سبعين ألف ألف إنسان وأهل الأرض كلها في زماننا جزء من ثلاثين جزءا من هذا العدد، وبالجملة فهذه الأمور مما أوجبت على عقلاء الناس إما تأويله بعالم المثال أورده بجهالة حال الرواة لئلا يستهزئ الملاحدة بالأخبار المنسوبة إلى المعصومين (عليهم السلام) ولا يطغوا فيها فكم شككوا ضعفاء العقول من المؤمنين بهذا الخبر وأمثاله، والإصرار في تحصيح الخبر وحمله على ظاهره مفسدة للدين ومنفرة للمؤمنين ولا حاجة إليه بعد الشك في صدوره من المعصوم أو اليقين بعدم صدوره. (ش) (٢) قوله «تحرزا من الإطناب» كأن الشارح استحسن تأويله وارتضاه إلا إنه تحرز من الإطناب ولا بأس بنقل عبارة شرح حكمة الإشراق هنا قال: «إن في الوجود عالما مقداريا غير العالم الحسي لا يتناهى عجائبه ولا يحصى مدنه ومن جملة تلك المدن جابلقا وجابرصا وهما مدينتان عظيمتان لكل منها ألف باب لا يحصى ما فيها من الخلائق لا يدرون أن الله خلق آدم وذريته وهو يحذو حذو العالم الحسي في دوام حركة أفلاكه المثالية وقبول العنصريات ومركباته آثار حركة أفلاكه وإشراقات العوالم العقلية ويحصل في ذلك أنواع الصور المختلفة إلى غير النهاية على طبقات مختلفة باللطافة والكثافة وكل طبقة لا يتناهى أشخاصها وإن تناهت الطبقات والأنبياء والأولياء والمتألهون من الحكماء معترفون بهذا العالم وللسالكين فيه مآرب وأغراض من اظهار العجائب وخوارق العادات والمبرزون من السحرة والكهنة يشاهدونه ويظهرون من العجائب انتهى. والمبالغة فيه أقل من خبر الكتاب إذا اكتفى بألف باب ولم يذكر اللغات، والإنصاف أن رد الخبر أولى من تأويله بعالم المثل المعلقة وإن كان وجود هذا العالم حقا اعترف به العلماء واستشهدوا عليه بأحاديث كثيرة وحلوا به كثيرا من العويصات إلا إن كون المراد في كلام الحسن بن علي (عليه السلام) ذلك بعيد جدا ولعل من أوله به لم ينظر في الخبر من أوله إلى آخره ولم يتأمل الخبر الأصل الخالي عن المبالغة كما ورد في معجم البلدان غير المحتاج إلى التأويل والقاعدة في أمثال ذلك أن يجعل المضمون الخالي عن الاغراقات والمبالغات أصلا ويتكلم فيه ويجعل الإغراق مما زيد بتلاحق الأفكار. (ش)
(٢٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 224 225 226 227 228 229 230 231 232 233 234 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب فيما جاء أن حديثهم صعب مستصعب 3
2 باب ما أمر النبي (صلى الله عليه وآله) بالنصيحة لأئمة المسلمين واللزوم لجماعتهم ومن هم؟ 14
3 باب ما يجب من حق الإمام على الرعية وحق الرعية على الإمام 22
4 باب أن الأرض كلها للامام (عليه السلام) 34
5 باب سيرة الإمام في نفسه وفي المطعم والملبس إذا ولي الأمر 43
6 باب فيه نكت ونتف من التنزيل في الولاية 51
7 باب فيه نتف وجوامع من الرواية في الولاية 128
8 باب في معرفتهم أولياءهم والتفويض إليهم 137
9 باب النهي عن الإشراف على قبر النبي (صلى الله عليه وآله) 194
10 باب مولد أمير المؤمنين صلوات الله عليه 196
11 باب مولد الزهراء فاطمة (عليها السلام) 213
12 باب مولد الحسن بن علي صلوات الله عليهما 226
13 باب مولد الحسين بن علي (عليهما السلام) 231
14 باب مولد علي بن الحسين (عليهما السلام) 236
15 باب مولد أبي جعفر محمد بن علي عليهما السلام 240
16 باب مولد أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام 245
17 باب مولد أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام 252
18 باب مولد أبي الحسن الرضا عليه السلام 273
19 باب مولد أبي جعفر محمد بن علي الثاني عليهما السلام 284
20 باب مولد أبي الحسن علي بن محمد عليهما السلام 296
21 باب مولد أبي محمد الحسن بن علي عليهما السلام 312
22 باب مولد الصاحب (عليه السلام) 335
23 باب ما جاء في الاثني عشر والنص عليهم (عليهم السلام) 357
24 باب في ذا قيل في الرجل شيء فلم يكن فيه وكان في ولده أو ولد ولده فهو الذي قيل 383
25 باب أن الأئمة كلهم قائمون بأمر الله تعالى هادون إليه (عليهم السلام) 384
26 باب صلة الإمام (عليه السلام) 386
27 باب الفيء والأنفال وتفسير الخمس وحدوده وما يجب فيه 389
28 فهرس الآيات 417