شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٧ - الصفحة ١٢٧
يشقى) أي في الآخرة (ومن أعرض عن ذكري) أي هداي أي الذاكر والداعي إلى سبيلي وعبادتي وهو أمير المؤمنين (عليه السلام) فإن له معيشة ضنكا.
قوله (يعني أعمى البصر في الآخرة) دل على أن المراد به أعمى البصر قوله تعالى: (قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا).
قوله (كذلك) أي مثل ذ لك فعلت ثم فسره بقوله: (أتتك آياتنا فنسيتها).
قوله (يعني من أشرك) تفسير لمن أسرف لأن الشرك أقوى أفراد الإسراف.
قوله (ترك الأئمة معاندة) بيان لقوله (ولم يؤمن بآيات ربه) وإشارة إلى أن الآيات الأئمة، وفي ذكر المعاندة إشعار بأن من تركهم لا معاندة بل لشبهة لا يجزي بهذا الجزاء المخصوص وهو حشره أعمى البصر ولا بعد فيه، والله أعلم.
قوله (الله لطيف بعباده) أي يعلم ظاهرهم وباطنهم وسرائرهم وضمائرهم يرزق من يشاء منهم ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام) باللطف والتوفيق لقبولها لصفاء قلبه ولينة طبعه وحسن استعداده.
قوله (قال: معرفة أمير المؤمنين (عليه السلام) والأئمة) المراد بإرادة معرفته إرادتها مع التصديق والإذعان بولايته وحقوقه وإنما شبه معرفته بالحرث وهو إلقاء البذر في الأرض لاستلزامها منافع جليلة وفوائد جزيلة في الآخرة ومن ثم قيل: الدنيا مزرعة الآخرة.
قوله (نزيده منها) تفسير قوله: (نزد له في حرثه) وإشارة إلى أن «في» بمعنى (من) للتعليل وهي قد تجيء له كما صرح بعض المحققين وضمير التأنيث راجع إلى الحرث باعتبار أنه عبارة عن المعرفة يعني نزيده من أجل تلك المعرفة، ثم بين تلك الزيادة بقوله يستوفي نصيبه من دولتهم وهي دولة المنتظر (عليه السلام) وفيه دلالة على رجعة الشيعة كلهم مع احتمال تخصيصها بالخلص، أو حصول زيادة الفيض حينئذ لأرواحهم بدونها، والله أعلم.
قوله (ومن كان يريد حرث الدنيا) لعل المراد به متاع الدنيا، أو معرفة أئمة الجور والإقرار بولايتهم ولعل الأخير أظهر بقرينة المقابلة.
قوله (ليس له في دولة الحق مع القائم نصيب) دل بحسب الظاهر على أن المراد بالآخرة ساعة قيام القائم (عليه السلام) سميت بالآخرة لأنها من علاماتها، ويحتمل أن يراد بالآخرة القيامة ويجعل انتفاء النصيب في دولة الحق دليلا على انتفائه في القيامة لاستحالة تحقق الملزوم بدون اللازم، والله أعلم (1).

(١) قوله «لاستحالة تحقق الملزوم بدون اللازم» والأظهر أن هذا تمثيل وتشبيه حال بحال كما مر في أمثاله كثيرا ولا يعتبر في التمثيل تطبيق كل كلمة من المثل على الممثل كما لا يجب في تمثل أمير المؤمنين (عليه السلام) بقول الأعشى:
شتان ما يومي على كورها * ويوم حيان أخي جابر أن يتكلف في تطبيق حيان أخي جابر على رجل معين اتفق ملاقاته مع علي (عليه السلام) في خلافته ولم يكن يلاقيه أيام قعوده، بل المراد تشبيه اختلاف الحالين باختلاف الحالين، قط على ما هو مقرر في علم البيان والحاصل من جميع ما ذكر في تفسير الآيات المذكورة بالولاية أن غير المتدبر في الأمور القليل الممارسة لمجاري كلام العرب يتعجب مما روى عن أئمتنا (عليهم السلام) في تطبيق آيات القرآن على ولايتهم. مع عدم ارتباطها معها جدا وعدم تناسب سابقتها ولاحقتها معها وربما ينكرها نعوذ بالله. ومخالفونا يطعنون على تلك التفاسير وينسبوننا إلى الغباوة والجهل ويضحكون من تمسكنا في إثبات أصل عظيم في اعتقادنا وهو الإمامة بأدلة واهية واحتمالات غير مسلمة عند مخالفينا ولا ثابتة عند موافقينا ويقال مثلا: (إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله) هم الأئمة الاثنا عشر مع أن الشيعة أنفسهم تمسكوا في إثبات الأشهر الحرم بتلك الآية، فكون المراد بها الأئمة غير ثابتة عندهم أنفسهم فكيف عند مخالفيهم ولا وجه لتمسكهم بتلك الآية على إثبات الإمامة.
والجواب عن جميع هذه الشبهات أن مرجع جميع هذه الآيات والروايات في تأويلها بالولاية إما تطبيق الكلي على أظهر الأفراد كتأويل الصراط المستقيم بعلي بن أبي طالب (عليه السلام) وإما من التمثيل كتأويل النبأ العظيم بولايته (عليه السلام) مع أن لفظ القرآن منطبق على القيامة وقد اتفق في تضاعيف الروايات ما روى عن الكذابين المشهورين الوضاعين والمجاهيل ولا حاجة إلى التكلف في توجيهها وتصحيحها، وبذلك يندفع الشبهة عن غرائب التفاسير. (ش)
(١٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب فيما جاء أن حديثهم صعب مستصعب 3
2 باب ما أمر النبي (صلى الله عليه وآله) بالنصيحة لأئمة المسلمين واللزوم لجماعتهم ومن هم؟ 14
3 باب ما يجب من حق الإمام على الرعية وحق الرعية على الإمام 22
4 باب أن الأرض كلها للامام (عليه السلام) 34
5 باب سيرة الإمام في نفسه وفي المطعم والملبس إذا ولي الأمر 43
6 باب فيه نكت ونتف من التنزيل في الولاية 51
7 باب فيه نتف وجوامع من الرواية في الولاية 128
8 باب في معرفتهم أولياءهم والتفويض إليهم 137
9 باب النهي عن الإشراف على قبر النبي (صلى الله عليه وآله) 194
10 باب مولد أمير المؤمنين صلوات الله عليه 196
11 باب مولد الزهراء فاطمة (عليها السلام) 213
12 باب مولد الحسن بن علي صلوات الله عليهما 226
13 باب مولد الحسين بن علي (عليهما السلام) 231
14 باب مولد علي بن الحسين (عليهما السلام) 236
15 باب مولد أبي جعفر محمد بن علي عليهما السلام 240
16 باب مولد أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام 245
17 باب مولد أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام 252
18 باب مولد أبي الحسن الرضا عليه السلام 273
19 باب مولد أبي جعفر محمد بن علي الثاني عليهما السلام 284
20 باب مولد أبي الحسن علي بن محمد عليهما السلام 296
21 باب مولد أبي محمد الحسن بن علي عليهما السلام 312
22 باب مولد الصاحب (عليه السلام) 335
23 باب ما جاء في الاثني عشر والنص عليهم (عليهم السلام) 357
24 باب في ذا قيل في الرجل شيء فلم يكن فيه وكان في ولده أو ولد ولده فهو الذي قيل 383
25 باب أن الأئمة كلهم قائمون بأمر الله تعالى هادون إليه (عليهم السلام) 384
26 باب صلة الإمام (عليه السلام) 386
27 باب الفيء والأنفال وتفسير الخمس وحدوده وما يجب فيه 389
28 فهرس الآيات 417