شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٣ - الصفحة ٢٥٦
رأيت جعلني الله فداك أن تعلمني من ذلك ما أقف عليه ولا أجوزه؟ فكتب (عليه السلام) بخطه: لم يزل الله عالما تبارك وتعالى ذكره.
* الشرح:
(علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمد بن حمزة قال: كتبت إلى الرجل (عليه السلام) أسأله: أن مواليك) أي شيعتك وأنصارك (اختلفوا في العلم فقال بهم: لم يزل الله عالما (1) قبل فعل الأشياء وقال بعضهم لا نقول لم يزل الله عالما لأن معنى يعلم يفعل) أي يفعل العلم ويوجده بناء على أن العلم إدراك والإدراك فعل وكان هذا القائل توهم أن العالم من الصفات الفعلية مثل الخالق ونحوه وتحقق الصفات الفعلية يقتضي أن يكون معه غير فلذلك قال (فإن أثبتنا العلم) وقلنا إنه كان لم يزل عالما (فقد أثبتنا في الأزل معه شيئا) وهو العلم الذي مصنوع له وزايد عليه وهذا باطل لأنه متفرد بالوجود في الأزل حيث كان ولم يكن معه شيء وأنت تعلم أن هذه الشبهة نشأت من مزج الحق بالباطل كما هو حال جميع الشبهات، أما الحق فهو الاعتقاد بأن الله تعالى كان ولم يكن معه شيء، وأما الباطل فهو الاعتقاد بأن العالم صفة فعل يطلق على من يوجد العلم، كما أن الخالق يطلق على من يوجد الخلق ووجه بطلان أن العالم إذا أطلق عليه سبحانه كان من صفاته الذاتية التي يراد بها نفس الذات دون الذات مع صفات موجود قائمة بها نعم ما ذكره له معنى إذا أطلق العالم على الإنسان فقد اشتبه عليه حال الواجب بحال الممكن وقد يوجه قوله «معنى يعلم يفعل» بوجه آخر وهو أن معنى يعلم بحسب اللزوم يفعل يعني يعلم يستلزم يفعل بناء على أن العلم بالمعدوم ممتنع، فإذا قلنا بتحقق العلم في الأزل وجب أن يتحقق المفعول المعلوم فيه أيضا بعينه ووجوده فقد أثبتنا مع الله غيره وهو المعلومات.
(فإن رأيت جعلني الله فداك أن تعلمني من ذلك ما أقف عليه ولا أجوزه) جواب الشرط محذوف أي فعلت أو تطولت أو نحو ذلك (فكتب (عليه السلام) بخطه لم يزل الله عالما تبارك) أي تطهر عن عيب الجهل وغيره (وتعالى ذكره) عما ينسبه إليه ألسنة الجاهلين ومنهم أبو الحسين البصري.

1 - قوله «لم يزل الله عالما» إن قلت كيف يصير كلام الإمام (عليه السلام) جوابا لشبهة الخصم لأن مبنى شبهته على أن علمه تعالى في الأزل يستلزم ثبوت المعلوم في الأزل وهذا إثبات الشريك له تعالى في الأزلية وجواب الإمام (عليه السلام) أنه تعالى كان عالما في الأزل ولا يدفع بذلك شبهته إلا أن يضاف إليه أن علمه في الأزل لا يستلزم ثبوت المعلوم في الأزل ولم يشر إليه الإمام (عليه السلام) قلت: عن ذلك جوابان، الأول: أنه (عليه السلام) لم يكن بصدد دفع الشبهة بل في مقام تعيين الحق من القولين وكان هذا مراد السائل منه. والثاني: أن مفاد قولنا لم يزل الله عالما غير المفاد من قولنا أنه يفعل العلم في الأزل ومقصوده (عليه السلام) الاكتفاء بالعبارة الأولى وترك الثانية ولا ريب أن قولنا لم يزل الله عالما لا يوجب إثبات شيء معه تعالى إلا أن ذاته بهذه الصفة. (ش)
(٢٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 251 252 253 254 255 256 257 258 259 260 261 ... » »»
الفهرست