شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٣ - الصفحة ٢٥١
مضيئا كما كان ضوء وكذا الحال في الوجود والعلم ونحوه خصوصا إذا أريد بهما معنى يعم العرض وغيره فإذا ثبت عقلا ونقلا وجود فرد منهما قائم بذاته وجب اتباعه وحينئذ لا دلالة فيما ذكره أولا على نفي العينية بهذا المعنى أيضا فإن ما نعلمه من كل صفة هو المفهوم الكلي دون كل فرد منه فلا يبعد أن يكون لهذا المفهوم فرد لا يكون معلوما لنا لغاية جلالته وعظمته فالدليل دل على أن تلك المفهومات الكلية ليست عين ذاته الواجب ولا نزاع فيه والنزاع إنما هو في عينية أفرادها مع الذات والدليل يدل على نفيها.
وكذا لا دلالة فيما ذكره ثانيا وثالثا على نفيها لأن ذلك مبني على الخلط بين المفهوم الكلي والفرد إذ لو كان المراد أن الذات بذاتها عين المفهومات الكلية كان لما ذكره وجه في الجملة، وأما إذا كان المراد أن الذات بذاتها عين أفراد تلك المفهومات فهو في غاية السقوط لأن قولنا الذات عالمة حينئذ بمنزلة قولنا الذات عين فرد لهذا المفهوم لا أن الذات ذات والاستدلال عليه لا يغني عن الاستدال على أنها عين فرد لمفهوم آخر كما لا يخفي والعينية بين الأفراد لا ينافي التغاير بين المفهومات والشبهة نشأت من سوء اعتبار الحمل أيضا فإن المفهومات المتغايرة لا يحمل بعضها على بعض وقد يحمل كل واحد منها على أفراد الباقي بالحمل المتعارف.
فنفس مفهوم الموجود لا يحمل عليها مفهوم الواحد ولا بالعكس بأن يقال مفهوم الموجود مفهوم الواحد، ولكن يقال: كل موجود واحد وكذا العكس، فهكذا قياس صفاته الكمالية.
وأما ما ذكره أخيرا من أن تلك الصفات أمور حقيقية زايدة على ذاته قائمة بها فهو أول البحث لأن القائل بالعينية يمنع ذلك ويقول: يجوز أن يكون لتلك الصفات فرد قائم بذاته من غير قيام بشيء به (ولم يزل عالما بما يكون) من الكليات والجزئيات وقد أنكر بعض المبتدعة علمه بالجزئيات وقال: لو علم أن زيدا في الدار فإن بقي هذا العلم بعد خروجه عنها كان ذلك العلم نفس الجهل لزوال المعلوم دون العلم وإن لم يبق بل زال وحدث علم آخر بخروجه لزم مع حدوث التغير في علمه كونه محلا للحوادث.
أقول: ولقد كان احتباس نفسه عند التكلم بهذا الكلام بالموت ونحوه خيرا له من الدنيا وما فيها أما علم أن الله تعالى لما كان عالما بكل شيء كما هو كان عالما بكون زيد في الدار في وقت معين وبخروجه عنها بعد ذلك الوقت، وكان هذا العلم ثابتا لم يزل وباقيا لا يزال.
وقال قطب المحققين في درة التاج: زعم هشام بن الحكم أنه تعالى يعلم المهيات في الأزل
(٢٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 246 247 248 249 250 251 252 253 254 255 256 ... » »»
الفهرست