شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٣ - الصفحة ١٤٠
الكنف (1) من قولهم فلان يعيش في ظل فلان أي في كنفه وحفظه وصيانته يعني لا حامي له يحفظه ويصونه ويعينه وهو يحمي الأشياء مع حاميها وحافظها ومعينها.
(عارف بالمجهول) عن الخلق لغاية صغر أو لبعده عنهم كالكاين في القفار والساكن في البحار أو لعدم وصول فكرهم إليه وعدم وقوع ذهنهم عليه كحقايق الأشياء وأجناسها وفصولها إلى غير ذلك فسبحان من يعلم عجيج الوحوش في الفلوات ومعاصي العباد في الخلوات.
(معروف عند كل جاهل) من أصحاب الملل الباطلة كالملاحدة والدهرية وعبدة الأوثان وأضرابهم فإن كلهم يعرفونه عند نزول الشدايد والضراء، وتوارد المصايب والبلاء، ولا يلوذون حينئذ بما سواه ولا يدعون إلا إياه كما أشار إليه أمير المؤمنين (عليه السلام) بقوله «فهو الذي تشهد له أعلام الوجود على إقرار قلب ذي الجحود» (2) وهذه الأمور الخمسة من لوازم الصمد لأن أزلية وجوده وصمديته وكونه حافظا للأشياء بأظلتها وعارفا بما لا يعرفه الخلق حتى ضماير القلوب ووساوس الصدور، ومعروفا عند كل جاهل يقتضي أن يكون رجوع الخلق كلهم إليه.
(فردانيا) الألف والنون زايدتان في النسب للمبالغة في فرديته بحسب الذات والصفات والوجود والوجوب والربوبية بحيث لا يشابهه في ذلك شيء ولا يشاركه أحد وهذا ناظر إلى الأحد ومن لوازمه.
(لا خلقه فيه) لاستحالة حلول الحوادث فيه إذ لو جاز ذلك لكان ناقصا.
والتالي باطل بالإجماع والعقل والنقل فالمقدم مثله بيان الملازمة أن ذلك الحادث إن كان من صفات كماله لزم نقصه لخلوفه عنه قبل حدوثه وإن لم يكن من صفات كماله لزم نقصه أيضا للاتفاق على أن كل ما يتصف (3) به الواجب يجب أن يكون من صفات الكمال وفيه إشارة إلى أن

١ - قوله «بالظل هنا الكنف» الحامي الذي يحفظ وجود الممكن هو السبب ومرجعه إليه ونقل المجلسي (رحمه الله) هذا التفسير من الشارح ونقل أيضا تفسير الفيض (رحمه الله) وأن المراد بالظل الجسم، واختار أن الظل هو الروح إذ يقال الروح في الأظلة وبالجملة هذا الحديث من غوامض علوم أهل البيت (عليهم السلام) ولم يعهد مثله عن غيرهم بفتح منه على العقول أبواب منها أن سبب كل شيء أي الواسطة بين الله تعالى وبينه فرد من نوعه وطبيعته لا من نوع مبائن إذ عبر عنه بالظل وظل كل شيء مثله واطلاق الظل عليه بهذا الاعتبار لا باعتبار أن الظل فرع الشخص ووجوده اعتباري لأن السبب لا يكون فرعا. (ش) 2 - النهج قسم الخطب تحت رقم 49.
3 - قوله «للاتفاق على كل ما يتصف» التمسك بالاتفاق أجنبي عن هذه المباحث لأنا ننقل الكلام إلى الاتفاق من أين حدث أن كان من دليل عقل وجب بيانه حتى ننظر فيه ولعله غير تام وإن كان للتعبد بقول المعصوم وكشف هذا الاتفاق عنه فلا نسلم ثبوت هذا الاتفاق أولا وانما نسلم عدم ثبوت صفة النقص فيه تعالى ولا نسلم إمكان التمسك في التوحيد بما يتفرع على مسألة الإمامة فالأولى التمسك بأن المتبادر من حلول الحوادث انفعال المحل والانفعال من صفات المادة فيلزم كونه تعالى جسما كما أن حلوله في خلقه أيضا يستلزم كونه جسمانيا لأن الشيء إذا أحل جسما لا بد أن يتصف بالوضع والمكان وهو منزه عنه، وأما الحلول عند المتصوفة والكرامية فظاهر أنهم لا يلتزمون بلوازم الحلول اعتباطا وتعنتا ولذلك أنكر المحصلون من المتصوفة الحلول كما نقل الشارح والكرامية تأبى عن الاعتماد على العقول في مقابل ظواهر أدلة المنقول.
(ش)
(١٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 ... » »»
الفهرست