مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ٣ - الصفحة ١٣٦
نسي ابن أبي عمير الخامس وقال مصنف هذا الكتاب الخامس الذي نسيه مال يرثه الرجل وهو يعلم أن فيه من الحلال والحرام ولا يعرف أصحابه فيؤديه إليهم ولا يعرف الحرام بجنسه فيخرج منه الخمس انتهى وانا تفحصت عن الخصال فوجدت الرواية فيه في باب ما فيه الخمس من بعض نسخه هكذا الخمس في المعادن والبحر والكنوز ولم أجد الرواية بالطريقين المذكورين فيه مع التفحص عن أكثر أبوابه وفي بعض اخر كما نقله عنه بعض مشايخنا ولعل نسخ الكتاب مختلفة ومع ذلك لا يبقى فيه حجة مضافا إلى عدم صراحتها في الوجوب انتهى كلام صاحب المستند أقول في الوسائل روى عن الصدوق في الخصال عن أبيه عن محمد بن يحيى عن محمد بن عيسى عن الحسن بن محبوب عن عمار بن مروان قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول فيما يخرج من المعادن والبحر والغنيمة والحلال المختلط بالحرام إذ لم يعرف صاحبه الكنوز الخمس وعن أحمد بن زياد عن جعفر الهمداني عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن غير واحد عن أبي عبد الله عليه السلام قال الخمس على خمسة أشياء على الكنوز والمعادن والغوص والغنيمة ونسي ابن أبي عمير الخامس انتهى وفي الحدائق روى أيضا خبر ابن مروان عن الخصال موصوفا سنده بالقوة فما نقله في المستند عن بعض مشايخنا انما ذكره الصدوق في خبر ابن أبي عمير فلا دخل له بما رواه عن ابن مروان بل لعل هذه الرواية هي مستنده فيما ذكره في تفسير الخامس الذي نسيه ابن أبي عمير فقوله مال يرثه الرجل من أبيه الخ من باب التمثيل والا فلا يظن بالصدوق ان يقول بهذه التفسير باجتهاده فإنه رجم بالغيب ومن المستبعد ان يكون له مستند اخر غير ما أورده في كتابه وكيف كان فيما نقله عن مشائخه لا يوجب وهنا فيما رواه عنه في الوسائل وغيره عن ابن مروان الا انه يظهر من قوله وانا تفحصت إلى اخره انه لم يجد خبر ابن مروان بهذا المتن في النسخ التي تصفحها مع فحصه عنه في مظانه وهذا أيضا غير قادح بنقل من نقله عنه فان عدم وجدانه ليس امارة قطعية على عدم وجوده مع احتمال سقطه عن تلك النسخ فإنه أقوى من احتمال الزيادة والدس في النسخ التي روى عنها في الوسائل وغيره والحاصل انه لا ينبغي الاستشكال في الرواية من هذه الجهة فهذه الرواية هي عمدة ما يصح الاستناد إليه في هذا الباب ويكشف بها وجه الخمس المأمور به في خبر الحسن وغيره من الأخبار المتقدمة التي ناقشنا في دلالتها على ارادته من حيث الاختلاط باجمال وجهه بل اشعار بعضها أو ظهوره في خلافه لصراحة هذه الرواية في أن الحلال المختلط بالحرام أحد الاقسام التي يتعلق بها الخمس فيرتفع بها الاجمال عن تلك الأخبار ثم إن المراد بثبوت الخمس في الحلال المختلط بالحرام هو ان الشارع جعل تخميسه بمنزلة تشخيص الحرام وايصاله إلى صاحبه في كونه موجبا لحل الباقي وجواز التصرف فيه فليس ثبوت الخمس فيه كثبوته في الكنز ونحوه في كونه بالفعل مملوكا لبنى هاشم و ان كان قد يوهمه خبر ابن مروان في بادي الرأي حيث جعله في عداد ما فيه الخمس ولكنه غير مراد منه على الظاهر فإنه لا يستقيم الا على تقدير الالتزام بصيرورة ما فيه من الحرام عند الجهل بمالكه ملكا لمالك الحلال على حسب ما يملكه من سائر ما يغتنمه مما يتعلق به الخمس فتسميته حراما على هذا التقدير انما هي بعلاقة ما كان والا فهو بالفعل حلال كسائر ما يستفيده مما يجب فيه الخمس وهذا كما تراه خلاف ظاهر هذه الرواية فضلا عن مخالفته للأصول والقواعد التي يشكل مخالفتها بمثل هذه الرواية مضافا إلى ظهور خبر السكوني والمرسل المتقدمين فيما ذكر من أن الشارع جعل اخراج خمسه خمسا كان أو صدقة هو السبب في حلية الباقي فالذي يتحصل من مجموع النصوص والفتاوى بعد ارجاع بعضها إلى بعض انما هو شرعية الخمس لتحليل المال الممتزج بالحرام لا كون المال مشتركا بينه وبين أرباب الخمس فمن هنا قد يقوى في النظر عدم التنافي بين هذه الأخبار وبين ما ورد في جملة من الاخبار من الامر بالتصدق فيما لا يعرف صاحبه لا لما قيل من أن تلك الأخبار وردت في المال المتميز دون الممتزج حتى يتحقق المعارضة لما ستعرف في حكم الصورة الآتية من ضعف هذا القول و كونه جمودا محضا بل لان مفاد تلك الأخبار ليس الا جواز التصدق بعين المال الذي لا يعرف صاحبه أو بثمنه وهذا شئ لا ينافيه اخبار الخمس فان مفاد اخبار الخمس ليس الا ان صرف خمس مجموع ذلك المال المختلط بالحرام إلى أرباب الخمس كتمييز عين الحرام وايصاله إلى صاحبه مبرء للذمة وموجب لحلية الباقي ولا منافاة بينهما فان من الجائز ان يكون التصدق بعين مال الغير أيضا لدى امكانه مبرء لذمته كما لو تصدق بجميعه على الفقير من باب الاحتياط أو دفع جميعه إليه على أن يكون ما فيه من مال الغير صدقة ثم صالحه عما فيه من حقه بشئ كتخميسه موجبا للخروج عن عهدة ما فيه من مال الغير وليس الامر بالخمس والصدقة في مثل المقام ظاهرا في الوجوب العيني كي يكون وجوب كل منهما منافيا للاخر بل هو مسوق لبيان ما به يتحقق براءة الذمة من مال الغير ويباح له التصرف فيما عداه فالامر باخراج خمس ذلك المال خصوصا مع اقترانه بما في الاخبار من التعليل بان الله قد رضى من الأشياء بالخمس ليس الا بمنزلة ما لو قال لو أخرجت خمس ذلك المال يحل لك الباقي لا انه يجب عينا عليك اخراج خمسه تعبدا وقد عرفت ان المراد بثبوت الخمس في الحلال المختلط بالحرام في خبر ابن مروان أيضا بحسب الظاهر ليس الا إرادة هذا المعنى فلا ينافيه جواز التصدق بجميع ذلك المال أو بجميع ما فيه من الحرام في ضمن المجموع كما أن ما ورد فيه الامر بالتصدق بما عنده من المال الذي لا يعرف صاحبه غير مناف لذلك فإنه لا يفهم أيضا الوجوب العيني لوروده في مقام توهم الحظر فلا يفهم منه أزيد من الجواز ولكن يفهم وجوبه من خصوصية المورد حيث إن مقتضى الأصل حرمة التصرف في مال الغير الا بالوجه المرخوص فيه لا من دلالة لفظ الامر فلا منافاة حينئذ بين اخبار الخمس واخبار الصدقة و مقتضاهما الالتزام بإباحته اما بصرف خمسه إلى أرباب الخمس أو التصدق بجميع ما فيه من الحرام بأي وجه أمكن كما انا لو قلنا بظهور خبر السكوني في التصدق بالخمس لا الخمس المصطلح كما يقتضيه الانصاف لكان مقتضى الجمع بينه وبين غيره مما ظاهره إرادة الخمس المعروف كخبر ابن مروان هو الالتزام بجواز كل منهما وكون المكلف مخيرا بين التصدق بخمسه أو صرفه في مصرف الخمس المصطلح فالقول به غير بعيدان لم ينعقد الاجماع على خلافه فليتأمل وكيف كان فالأحوط كما صرح به غير واحد صرفه في فقراء بني هاشم وان قلنا بانحصار مصرفه في الصدقة إذا الظاهر عدم حرمة هذه الصدقة عليهم بل في خبر السكوني الذي هو مستندا هذا القول ايماء إليه كما تقدمت الإشارة إليه وقد ظهر بما أشرنا إليه من أن الخمس في هذا القسم ليس من قبيل خمس الكنوز وسائر اقسام الغنيمة في كونه حقا فعليا ثابتا لبنى هاشم انه لا منافاة بين هذه الخمس وبين الاخبار الخاصرة للخمس فيما عداه إذ ليس في الحلال المختلط بالحرام من حيث هو الخمس ولكن الشارع جعل صرف خمسه إلى أرباب الخمس بمنزلة
(١٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 ... » »»