تكملة البحر الرائق - الشيخ محمد بن حسين بن علي الطوري القادري الحنفي - ج ٣ - الصفحة ١٢
وهو إن يتعمد ضربه بغير ما ذكر الأثم والكفارة على القاتل ودية مغلطة على العاقلة لا
____________________
يجوز بالرأي. قال رحمه الله: (وشبهه وهوان يتعمد ضربه بغير ما ذكر الاثم والكفارة على القاتل ودية مغلظة على العاقلة لا القود) أي موجب القتل شبه العمد الاثم والكفارة على القاتل والدية المغلظة على العاقلة ولا يوجب القصاص. وقوله وهو أن يتعمد ضربه بغير ما ذكر أي بغير ما ذكر في العمد هو المحدد وغيره هو الذي لا حد له من الأدلة، وكالحجر والعصا وكل شئ ليس له حد يفرق الاجزاء، وهذا عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى. وفي شرح الطحاوي: شبه العمد عند الإمام تعمد الضرب بما ليس بسلاح ولا هو في معنى السلاح في تفريق الاجزاء. قال محمد: ويكون قصده الضرب والتأديب.
وقالا: إذا ضربه بحجر عظيم أو بخشبة عظيمة فهو عمد وشبه العمد أن يتعمد ضربه بما لا يقتل به غالبا. ولهما أن معنى العمدية يتقاصر باستعمال آلة لا تقتل غالبا لأنه يقصد به التأديب، وأما التي تقتل غالبا كالسيف فكان عمدا فوجب القود ألا ترى أنه عليه الصلاة والسلام رض بين حجرين رأس يهودي رض رأس صبي بين حجرين، وكذا قتل المرأة التي قتلت امرأة بمسطح وهو عمود الفسطاط. ولأبي حنيفة رحمه الله تعالى قوله عليه الصلاة والسلام ألا أن قتيل خطأ العمد قتيل السوط والعصا والحجر وفيه دية مغلظة مائة من الإبل منها أربعون خلفة في بطونها أولادها وبإطلاقه يتناول العصا الكبير والكلام في مثلها ولان قضية القتل أمر مبطن لا يعرف إلا بدليل وهو استعمال الآلة القاتلة على ما بينا، وهذه الآلة لا تصلح دليلا على قصد القتل لأنها غير موضوعة له ولا مستعملة فيه إذ لا يمكن القتل بها على غفلة منه ولا يقع القتل بها غالبا فقدمت العمدية كذلك فصار كالعصا الصغير، وهذا لأن ما يوجب القصاص وهو الآلة المحدودة لا يختلف بين الصغير منهما والكبير لأن الكل صالح للقتل لتخريب البنية ظاهرا وباطنا فكذا ما لا يوجب القصاص وجب أن يسوي بين الصغير والكبير منه حتى لا يوجب الكل القصاص لأنه غير معد للقتل ولا صالح له لعدم نقض البنية ظاهرا وكان في قصد القتل شك لما فيه من القصور والقصاص نهاية في العقوبة فلا يجب مع الشك، وما روياه رض اليهودي يحتمل أن النبي صلى الله عليه وسلم علم أن اليهودي كان قاطع الطريق إذا قتل بسوط أو عصا أو غيره بأي شئ كان يقتل به حدا، ويحتمل أنه جعله كقاطع الطريق لكونه ساعيا في الأرض بالفساد فقتله حدا كما يقتل قاطع الطريق فإن ذلك جائز أن يلحق به على ما بينا في قاطع الطريق. وأما حديث المرأة فقال عبيد بن فضيلة عن المغيرة بن شعبة: إن امرأتين ضربت إحداهما الأخرى بعمود الفسطاط فقتلتها فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالدية على عصبة القاتلة وقضى فيما في بطنها بغرة فقال الاعرابي: أغرم ممن لا طعم ولا شرب ولا صاح فاستهل ومثل ذلك باطل فقال: أسجع كسجع الاعرابي. وفي رواية قال: هذا من إخوان الكهان من أجل سجعه. فعلم بذلك أن ما روياه غير صحيح، والذي يدل على ذلك حمل ابن مالك على زعمهم
(١٢)
مفاتيح البحث: الضرب (1)، القتل (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 2 3 6 12 13 14 15 21 22 23 ... » »»
الفهرست