تكملة البحر الرائق - الشيخ محمد بن حسين بن علي الطوري القادري الحنفي - ج ٣ - الصفحة ١٤٠
باب جناية المملوك والجناية عليه جناية المملوك لا توجب إلا دفعا واحدا لو محلا لها وإلا قيمة واحدة جنى عبد خطأ
____________________
بالشبهين بشبه الآدمي في إيجاب الربع وبالشبه الآخر في نفي النصف، ولأنه إنما يمكن إقامة العمل فيها بأربعة أعين عيناها وعينا الفاعل لها فصارت كأنها ذات أعين أربع فيجب الربع بفوات أحدها. وإن فقأ عينيها فصاحبها بالخيار إن شاء تركها على الفاقئ وضمنه القيمة، وإن شاء أمسكها وضمنه النقصان لأن المعمول به النص وهو ورد في عين واحدة فيقتصر عليه.
وفي العناية: وإنما قال بدنة ليشمل البقر والإبل فإن الحكم فيها واحد وهو ربع القيمة. وفي العيني على الهداية: وفي فق ء عين بدنة الجزار - بفتح الجيم - وهو ما اتخذ للنحر يقع على الذكور والأنثى، كذا في الطحاوي. والجزر القطع وجزر الجزور نحرها والجزار هو الذي ينحر البقرة اه‍. والله أعلم.
باب جناية المملوك والجناية عليه لما فرغ رحمه الله من بيان حكم جناية المالك وهو الحر والجناية عليه شرع في بيان أحكام جناية المملوك وهو العبد، وأخره لانحطاط رتبه العبد عن رتبه الحر، كذا في الشروح. أقول: فيه شئ وهو أن لقائل أن يقول: لما وقع الفراغ من بيان أحكام جناية الحر على الحر مطلقا بقي منه بيان حكم جناية الحر على العبد فالأظهر أن يقال: لما فرغ من بيان جناية الحر على الحر شرع في بيان جناية المملوك والجناية عليه، ولما كان فيه تعلق الملك بالمملوك البتة من جانب أخره لانحطاط رتبة المملوك عن المالك ثم قال صاحب العناية:
لا يقال العبد لا يكون أدنى منزلة من البهيمة فيكف أخر باب جنايته عن باب جناية البهيمة لأن جناية البهيمة كانت باعتبار الراكب والسائق أو القائد وهم ملاك اه‍. أقول: فيه أيضا شئ إذ لقائل أن يقول: إن أراد جناية البهيمة كانت باعتبار الراكب أو السائق أو القائد فهو ممنوع فإن جنايتها بطريق النفحة برجلها أو ذنبها وهي تسير لا يكون باعتبار أحد منهم وإلا لوجب عليهم الضمان في تلك الصورة وليس كذلك كما عرف في بابها، وكذا الحال فيما إذا أصابت بيدها أو رجلها حصاة أو نواة أو أثارت غبارا أو حجرا صغيرا فقأ عين إنسان أو أفسد ثوبه، وكذا إذا انفلتت فأصابت مالا أو آدميا ليلا أو نهارا كما عرف كل ذلك أيضا في بابها. وإن أراد أن جنايتها قد تكون باعتبار أحد منهم فهو مسلم ولكن لا يتم به تمام التعريف. ويمكن أن يقال: الصور التي لا يجب فيها مفعل البهيمة ضمان على أحد بل يكون فعلها هدرا مما لا يترتب عليه حكم من أحكام الجناية في الشرع. وإنما ذكرت في بابها استطرادا وبناء الكلام هنا على ماله حكم من لأحكام الشرعية فيتم التعريف. قال رحمه الله:
(جناية المملوك لا توجب إلا دفعا واحد لو محلا لها وإلا قيمة واحدة) أي جناية العبد لا
(١٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 131 133 136 137 139 140 142 147 153 156 157 ... » »»
الفهرست