البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ٤٤٥
بجواز بيعه نفذ قضاؤه ويكون ذلك فسخا للتدبير حتى لو عاد إليه يوما من الدهر بوجه من الوجوه ثم مات لا يعتق وهذا مشكل، لأنه يبطل بقضاء القاضي ما هو مختلف فيه وما هو مختلف فيه لزوم التدبير لا صحة التعليق فينبغي أن يبطل وصف اللزوم لا غير ا ه‍. وسيأتي في البيوع أن بيع المدبر باطل لا يملك بالقبض فلو باعه المولى فرفعه العبد إلى قاض حنفي وادعى عليه أو على المشتري فحكم الحنفي ببطلان البيع ولزوم التدبير فإنه يصير متفقا عليه فليس للشافعي أن يقضي بجواز بيعه بعده كما في فتاوى الشيخ قاسم وهو موافق للقواعد فينبغي أن يكون كالحر، فلو جمع بينه وبين قن ينبغي أن يسري الفساد إلى القن كما سنبينه إن شاء الله تعالى في محله. وفي الولوالجية من التدبير: رجل قال هذه أمتي إن احتجت إلى بيعها أبيعها وإن بقيت بعد موتي فهي حرة فباعها جاز، كذا في فتاوى الصدر الشهيد ا ه‍. ولم يصرح بأنها مدبرة تدبيرا مطلقا أو مقيدا. وفيها من كتاب الحيل: لو أراد أن يدبر عبده على وجه يملك بيعه يقول إذا مت وأنت في ملكي فأنت حر فهذا يكون مدبرا مقيدا فيملك بيعه فإذا مات وهو في ملكه عتق ا ه‍. فكذا في المسألة الأولى يكون مدبرا مقيدا لكن ذكر الولوالجي رحمه الله في آخر الوصايا: لو قال لعبده إن مت وأنت في ملكي فأنت حر فله أن يبيعه لأنه لما مات لم يبق في ملكه فلم يعتق ا ه‍. وهو ليس بمخالف لقوله في الحيل إنه يعتق بموته لأن قوله في الوصايا لا يعتق معناه لو مات بعد بيعه، وأما لو مات وهو في ملكه فإنه يعتق. وأشار المصنف بعدم جواز تمليكه إلى أنه لو كان المدبر بين اثنين أعتقه أحدهما وهو موسر وضمن قيمة نصيب شريكه عتق المدبر ولم يتغير الولاء لأن العتق ها هنا ثبت من جهة المدبر في الحقيقة لا من جهة الذي أعتقه لأن المعتق بأداء الضمان لا يملك نصيب الشريك ها هنا لأن المدبر لا يقبل الانتقال من ملك إلى ملك، وإنما وجب الضمان لاثبات الحيلولة بين المدبر والمولى، أما أن يقال إن المعتق يتملك نصيب صاحبه من المدبر فلا.
ولما كان هذا طريق العتق كان المعتق هو المدبر فلذا كان الولاء لهما على الشركة كما كان أولا، كذا في الذخيرة. ولا يرد عليه أن يقبل الانتقال بالقضاء لأنه بالقضاء ينفسخ التدبير، وأما ها هنا فالتدبير باق ولكن كان ينبغي أنه لو ضم إلى قن وبيعا صفقة واحدة أن يسري الفساد إلى القن كالحر وسيتضح في محله إن شاء الله تعالى. وقيد بالبيع ونحوه لأنه يجوز إعتاقه كأم الولد لأنه إيصال إلى حقيقة الحرية عاجلا، وتجوز كتابتهما لما فيها من تعجيل الحرية.
وفي المحيط: وإذا ولدت المدبرة من السيد فهي أم ولد وقد بطل التدبير لأن أمية الولد أقوى في إفادة العتق من التدبير لأنها تعتق من جميع المال بخلاف المدبر فإنها تعتق من الثلث فيبطل
(٤٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 440 441 442 443 444 445 446 447 448 449 450 ... » »»
الفهرست