البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ٤٤٣
حر بعد موتي فكلمه صار مدبرا لأنه بعد الكلام صار التدبير مطلقا، وكذا لو قال أنت حر بعد كلامك فلانا وبعد موتي فكلمه فلان كان مدبرا، كذا في البدائع. وذكر محمد في الأصل إذا قال أنت حر بعد موتي إن شئت فإن نوى بقوله إن شئت الساعة فشاء العبد في ساعته تلك صار مدبرا لأنه علق التدبير بشرط وهو المشيئة وقد وجد كما إذا قال إن دخلت الدار فأنت مدبر، وإن عنى به مشيئته بعد الموت فليس للعبد مشيئة حتى يموت المولى فإن مات المولى فشاء بعد موته فهو حر من ثلثه. وذكر الحاكم في مختصره أن المراد منه أن يعتقه الوصي أو الوارث. وفي المحيط: ولو نهاه عن المشيئة قبل موته جاز نهيه. ولا فرق في التدبير بين أن يكون منجزا أو مضافا كما إذا قال أنت مدبر غدا أو رأس شهر كذا فإذا جاء الوقت صار مدبرا.
وروى هشام عن محمد رحمه الله تعالى فيمن قال أنت مدبر بعد موتي فهو مدبر الساعة لأنه أضاف التدبير إلى ما بعد الموت والتدبير بعد الموت لا يتصور فيلغو قوله بعد موتي فيبقى قوله أنت مدبر، أو يجعل قوله أنت مدبر أي أنت حر فيصير كأنه قال أنت حر بعد موتي. وفي الذخيرة معزيا إلى الأصل: لو قال أنت حر بعد موتي إن دخلت الدار لا يصح هذا التصرف عندنا أصلا بخلاف ما إذا قال أنت حر بعد موتي إن شئت. والفرق أن في فصل المشيئة صححنا تصرفه بطريق الوصية وتعليق الوصية بالمشيئة صحيح وتعذر تصحيح هذا التصرف بطريق الوصية لأن تعليق الوصية بدخول الموصى له الدار باطل ا ه‍. وفي المحيط: لو قال لامة إن ملكتك فأنت حرة بعد موتي فولدت فاشتراهما تصير الام مدبرة دون الولد لأن التدبير ثبت في الام والولد منفصل عنها قبل الملك فلا يتصور سراية حق التدبير إلى الولد كما لو قال إن ملكتك فأنت حرة فملكها عتقت ولا يعتق ولد ولدته قبل الملك فكذا هذا، ولو قال المولى ولدت قبل التدبير وقالت بل بعده فالقول للمولى مع يمينه على علمه والبينة لها ا ه‍. وفي الظهيرية: أنت حر الساعة بعد موتي يعتق بعد الموت ا ه‍. وأشار المصنف بهذه الألفاظ إلى أنه لو قال أوصيت لك برقبتك أو عتقك أو نفسك أو أوصيت لك بثلث مالي فإنه يكون مدبرا لأن التدبير وصية فإذا أتى بصريحها كان مدبرا بالأولى، ولان الايصاء للعبد برقبته إزالة ملكه عن رقبته لأنه لا يثبت الملك للعبد في رقبته إلا باعتاقه فهو كبيع نفس العبد منه. ولو قال العبد لا أقبل فهو مدبر وليس رده بشئ كما في الظهيرية، وعن أبي يوسف فيمن أوصى بسهم من ماله لعبده فإنه يعتق بعد موته، ولو أوصى له بجزء من ماله لم يعتق لأن السهم عبارة عن السدس فكان
(٤٤٣)
مفاتيح البحث: الموت (8)، الوصية (8)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 438 439 440 441 442 443 444 445 446 447 448 ... » »»
الفهرست