البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ٤٣٨
الغد، ولو قال أنت حر إن شئت غدا فالمشيئة إليه في الحال لأن في الفصل الأول علق الاعتاق المضاف إلى الغد بالمشيئة فيقتضي المشيئة في الغد، وفي الفصل الثاني أضاف الاعتاق المعلق بالمشيئة إلى الغد فيقتضي تقدم المشيئة على الغد.
قوله: (ولو حرره على خدمته سنة فقبل عتق وخدمه) يعني من ساعته لأن الاعتاق على الشئ يشترط فيه وجود القبول في المجلس لا وجود المقبول كسائر العقود، وعليه أن يخدمه المدة المعينة وهو المراد بالسنة سنة أو أقل أو أكثر. ونص الحاكم الشهيد أن الخدمة هي الخدمة المعروفة بين الناس. قيد بالمدة لأنه لو حرره على خدمته من غير مدة عتق وعليه أن يرد قيمة نفسه لأن الخدمة مجهولة، وكذا لو قال لجاريته أنت حرة على أن تخدمني فلانة فقبلت عتقت وردت قيمتها. وقال محمد: ترد قيمة الخدمة شهرا، كذا في الذخيرة. ونقل في الظهيرية عن بعضهم أنها إن خدمته عمره أو عمرها لا شئ عليها، وإن أبت أن تخدمه عمره أو عمرها تسعى في قيمتها ا ه‍. وقد وقع الاستفتاء عما إذا حرره على خدمته مدة معينة وقبل العبد وعتق وكان له زوجة وأولاد فما حكم نفقته ونفقتهم إذا لم يكن له مال فإنه لا يتفرغ للاكتساب بسبب خدمة المولى هذه المدة، فلم أر فيه نقلا، وينبغي أن يشتغل بالاكتساب لأجل الانفاق على نفسه وعياله إلى أن يستغني عن الاكتساب فيخدم المولى المدة المعينة لأنه الآن معسر عن أداء البدل فصار كما إذا أعتقه على مال ولا قدرة له عليه فإنه يؤخر إلى الميسرة. قيد بكونه حرره على خدمته كان قال له أعتقتك على أن تخدمني لأنه لو قال إن خدمتني كذا مدة فأنت حر لا يعتق حتى يخدمه لأنه معلق بشرط والأول معاوضة، ولم يصرحوا هنا بأنه يكون مأذونا لأنه لا ضرورة إليه إذ الخدمة لا تتوقف على اكتساب المال بخلاف إن أديت إلى ألفا فأنت حر كما قدمناه. وفي الذخيرة: لو قال اخدمني سنة وأنت حر عتق الساعة ولا شئ عليه في قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف: لا يعتق إلا بالخدمة قبل أو لم يقبل. وفي الظهيرية: لو قال لامته عند وصيته إذا حذمت ابني وابنتي حتى يستغنيا فأنت حرة، فإن كانا صغيرين تخدمهما حتى يدركا، فإن أدرك أحدهما دون الآخر تخدمهما جميعا، وإن كانا مدركين تخدم البنت حتى تتزوج والابن حتى يحصل له ثمن جارية، فإذا
(٤٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 433 434 435 436 437 438 439 440 441 442 443 ... » »»
الفهرست