البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ٤٣٤
يديه لا يجبر المولى على القبول ولا يعتق العبد، ولو حلف المولى أنه لم يقبض من فلان ألفا لا يحنث، كذا في الخانية.
قوله: (وعتق بالتخلية) لأنه تعليق نظرا إلى اللفظ ومعاوضة نظرا إلى المقصود لأنه ما علق عتقه بالأداء، إلا ليحثه على دفع المال فينال العبد شرف الحرية والمولى المال بمقابلته بمنزلة الكتابة ولهذا كان عوضا في الطلاق في مثل هذا اللفظ حتى كان بائنا فجعلناه تعليقا في الابتداء عملا باللفظ ودفعا للضرر عن المولى حتى لا يمتنع عليه بيعه، ولا يكون العبد أحق بمكاسبه ولا يسري إلى الولد المولود قبل الأداء. وجعلناه معاوضة في الانتهاء عند الأداء دفعا للضرر عن العبد حتى يجبر المولى على القبول، فعلى هذا بدور الفقه وتخرج المسائل نظيره الهبة، بشرط العوض والتخلية رفع الموانع بأن يضعه بين يديه بحيث لو مد يده أخذه فحينئذ يحكم القاضي بأنه قد قبضه فيه وفي ثمن المبيع وبدل الإجارة وسائر الديون، وهذا معنى قولهم أجبره الحاكم على قبضه أي حكم به لا أنه يجبره على قبضه بحبس ونحوه. ولو حلف المولى أنه لم يؤد إليه الألف حنث كما في الخانية. وإنما ذكر التخلية ليفيد أنه يعتق بحقيقة القبض بالأولى، ويستثنى من إطلاق ما في المختصر مسائل لا يعتق فيها بالتخلية الأولى لو كان المال مجهولا بأن قال إذا أديت إلي دراهم فأنت حر لا يجبر علي القبول لأن مثل هذه الجهالة لا تكون في المعاوضة ولا يمكن حملها على الكتابة فتكون يمينا محضا ولا جبر فيها كما في التبيين. وفي المحيط: لو قال إن أديت إلي كر حنطة فأنت حر فجاء بكر جيد يجبر على القبول لأن الكر المطلق إنما ينصرف إلى الوسط لدفع الضرر من الجانبين، فإذا أتاه بالجيد فقد أحسن في القضاء ورضي بهذا الضرر فبطل التعيين، وتعلق العتق بحنطة مطلقة.
ولو قال كر حنطة وسط فأتاه بكر جيد لا يجبر لأنه نص على التعليق بكر موصوفة وفي الشروط يعتبر التنصيص ما أمكن كما في مسألة الكيس الأبيض. ولو قال أعتق عني عبدا وأنت حر فأعتق عبدا مرتفعا لا يعتق، ولو قال أدا لي عبدا وأنت حر فأدى إليه عبدا مرتفعا يعتق كما في الكر. والفرق أن في الأداء يكون المولى راضيا بالزيادة لأنه ادخال شئ في ملكه فيكون نفعا محضا فلا ضرر، وأما العتق إخراج عن ملكه لأن كسبه مملوك للمولى ا ه‍.
الثانية لو كان العتق معلقا على أداء الخمر لا يجبر على القبول وإن كان يعتق بقبوله لأن المسلم ممنوع عنها لحق الله تعالى. والثالثة لو كان معلقا على أداء ثوب أو دابة لا يجبر على القبول.
ولو أتى بثوب وسط أو جيد لأنه مجهول الجنس فلم يصلح عوضا، ولذا لو وصفه أجبر على
(٤٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 429 430 431 432 433 434 435 436 437 438 439 ... » »»
الفهرست