البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ٤٣٦
وهذا صحيح ا ه‍. وتعقبه في غاية البيان بأنه ينبغي أن يعتق حكما لكلام صدر من الأهل مضافا إلى المحل وإن كان الميت ليس بأهل للاعتاق. ولان القبول لم يعتبر في حال الحياة فإذا لم يعتق بالقبول بعد الوفاة. إلا باعتاق واحد منهم لا يكون معتبرا بعد الوفاة أيضا فلا يبقى فائدة لقبوله بعد الموت ا ه‍. وجوابه أن العتق الحكمي وإن كان لا يشترط فيه الأهلية يشترط قيام الملك وقته، وهنا قد خرج ملك المعلق وبقي للوارث، ومتى خرج عن ملكه لا يقع بوجود الشرط مع وجود الأهلية فما ظنك عند عدمها؟ وقوله إنه لا فائدة للقبول بعد الموت ممنوع لأنه لولا القبول لم يصح إعتاق الوصي والقاضي لعدم الملك لهما ولم يلزم الوارث الاعتاق. والحاصل أن المسألة مختلف فيها فظاهر إطلاق المتون أنه يعتق بالقبول بعد الموت من غير توقف على إعتاق أحد وهو قول البعض كما يشير إليه لفظ الأصح وله أصله في الرواية كما في غاية البيان، وصحح المتأخرون أنه لا يعتق بالقبول كما قدمنا، ولا فرق في المسألة بين أن يؤخر ذكر المال أو يقدمه كان يقول أنت حر على ألف درهم بعد موتي كما في غاية البيان، لكنه نقل الاجماع. وقد علمت أن الخلاف ثابت. وظهر بهذا أن قول الزيلعي وقاضيخان في الفتاوي أنه لو قال له أنت حر على ألف درهم بعد موتي أن القبول فيه للحال ليس بصحيح إذ لا فرق بينه وبين مسألة الكتاب. وقيد بأنت حر لأنه لو قال أنت مدبر على ألف درهم فالقبول فيه للحال فإذا قبل صار مدبرا ولا يلزمه المال لأن الرق قائم والمولى لا يستوجب على عبده دينا إلا أن يكون مكاتبا. وقد بحث فيه المحقق ابن الهمام بحثا حسنا فراجعه. وفي الخانية أن القبول فيه بعد الموت كمسألة الكتاب.
وفي المحيط: لو قال لعبده حج عني حجة بعد موتي وأنت حر ولا مال له سواه يحج عنه حجا وسطا ثم تعتقه الورثة ويسعى في ثلثي قيمته لأنه عتق بغير مال فيعتبر من الثلث، فإن أوصى الميت مع هذا بثلث ماله لرجل قسم الثلث بين العبد والموصى له على أربعة ثلاثة أرباعه منها للعبد ويسعى للموصى له في ربع ثلث رقبته وللورثة في ثلثي قيمته لأن العبد موصى له بعتق جميع رقبته فيضرب بجميع الرقبة، والموصى له يضرب بالثلث فصار الثلث بينهما على أربعة أسهم وجميع الرقبة على اثني عشر، فسلم للعبد ثلاثة ويسعى للموصى له في سهم وللورثة ثمانية. ولو قال ادفع إلى الوصي قيمة حج يحج بها عني فدفع فعلى الورثة أن يعتقوه ولا ينتظر الحج لأنه عتق بمال والحج مشورة وليس بشرط، فإن كانت قيمة الحج أقل من قيمته نظر، إن كانت مقدار ثلثي قيمته جاز لأن الوصية بالعتق نافذة في الثلث، وإن كانت أقل من ثلثي قيمته فعليه أن يسعى إلى تمام الثلثين ثم يدفع إلى الورثة أو إلى الوصي
(٤٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 431 432 433 434 435 436 437 438 439 440 441 ... » »»
الفهرست