البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ٤٤٢
فلان فأنت حر فإنه لا يصير مدبرا أصلا لا مطلقا ولا مقيدا، فإذا مات فلان عتق من غير شئ ولا يرد عليه تعليقه بموته إلى مدة لا يعيش مثله إليها كان مت إلى مائة سنة فأنت حر ومثله لا يعيش إليها فإنه سيأتي أنه مدبر مطلق على المختار مع أنه لم يعلق عتقه بمطلق موت المولى لأنه وإن كان مقيدا صورة فهو مطلق معنى. وأشار بالتعليق إلى أنه لو دبر عبده ثم ذهب عقله فالتدبير على حاله وإن كان في التدبير معنى الوصية بخلاف ما إذا أوصى برقبته لانسان ثم جن ثم مات حيث تبطل الوصية. والفرق أن التدبير اشتمل على معنى التعليق والتعليق لا يبطل بالجنون ولهذا لا يبطل بالرجوع ولا كذلك الوصية، ولهذا جاز تدبير المكره ولا يجوز وصيته، كذا في الظهيرية.
قوله: (كادامت فأنت حر وأنت حر يوم أموت أو عن دبر مني أو دبرتك) بيان لبعض ألفاظه الصريحة فإنه إثبات العتق عن دبر واليوم هنا لمطلق الوقت فيعتق مات المولى ليلا أو نهارا، لأنه قرن بفعل لا يمتد، فإن نوى باليوم النهار دون الليل صحت نيته لأنه نوى حقيقة كلامه ثم لا يكون مدبرا لأنه علق عتقه بما ليس بكائن لا محالة وهو موته بالنهار وربما يموت بالليل فلذا لا يكون مدبرا، كذا في المبسوط. أي لا يكون مدبرا مطلقا وإنما هو مقيد فيعتق بموته نهارا وله بيعه. ومثل التعليق بإذا متى وإن والحدث كالموت فلو قال إن حدث بي حدث فأنت حر فهو مدبر لأنه تعورف الحدث والحادث في الموت، كذا الوفاة والهلاك لأن الاعتبار للمعنى، وكذا أنت حر مع موتي أو في موتي فإنه تعليق العتق بالموت وفي تستعار بمعنى حرف الشرط كما عرف في الأصول. وقول الزيلعي تبعا لما في المحيط أن حرف الظرف إذا دخل على الفعل يصير شرطا تسامح وإنما هو بمعناه لأنه لو كان شرطا لطلقت في قوله لأجنبية أنت طالق في نكاحك مع أنها لا تطلق. وأفاد بقوله أنت حر يوم أموت أن كل لفظ وقع به العتق للحال إذا أضيف إلى الموت فإنه يوجب التدبير كقوله أعتقتك أو أنت عتيق أو عتق أو محرر بعد موتي. وفي الخانية والظهيرية: رجل قال لعبده لا سبيل لاحد عليك بعد موتي قالوا يصير مدبرا ا ه‍. ولم يقيداه بالنية مع أن لا سبيل لي عليك كناية لا يعتق بها إلا بالنية إلا أن يفرق بين قوله لي وبين قوله لاحد، وكذا بعد موتي قرينة لا تتوقف على النية. وفي الحاوي القدسي: لو قال أعتقوه بعد موتي فهو مدبر ا ه‍. وقيد بكون السيد واحدا لأنه لو كان بين اثنين فقالا إذا متنا فأنت حر لم يصر بذلك مدبرا ولهما أن يبيعاه، فإذا مات أحدهما صار مدبرا من قبل الثاني وصار حكمه حكم عبد بين رجلين دبره أحدهما. ولو كان كل واحد منهما قال إذا مت فأنت حر أو دبرتك أو دبرت نصيبي منك وخرج القولان منهما جميعا صار مدبرا بينهما فلا يجوز بيعه، وأيهما مات عتق نصيبه وسعى العبد للآخر في قيمة نصيبه منه وكان ولاؤه بينهما، كذا في الحاوي القدسي. ولا فرق في العتق المضاف إلى الموت بين أن يكون معلقا بشرط آخر أو لا، فلو قال إن كلمت فلانا فأنت
(٤٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 437 438 439 440 441 442 443 444 445 446 447 ... » »»
الفهرست